حُجية السنة ٥ ( التشريع والقتل بوحي غير الكتاب )

4 – التشريع بوحي غير الكتب

لا يخفي علي إنسان فتح كتاب الله عز وجل وقرأ بعضاً منه أن الله عز وجل يوحي إلي رسله الكتب وغيرها ، ويأمر وينهي في الوحي كله ، غير مقيد بكونه نزل في الكتاب أم لا كما يدعي منتحلوا الإسلام هذه الأيام .
من أعظم الأمثلة من الكتاب علي الوحي الذي فيه أمر أو نهي وليس في كتاب ، ما قصه الملك الجبار علي عباده الضعفاء في قصة نبيه إبراهيم صلي الله عليه ،
قال سبحانه وتعالي :
( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) )
هنا ، أُمِرَ هذا النبي الكريم أن يذبح ولده ، الذي هو نفس ، وهذا الذبح بغير نفس ، أو فساد في الأرض ، أو زنا ، أو قتل ، حاشاهم .
الأعجب أن هذا الأمر بالذبح لم يأت في صحف إبراهيم التي سماها الله عز وجل لنا ، بل جاءه في رؤيا أراها الله عز وجل له .
كان من الطبيعي ألا يلتفت الأب لرؤيا رآها يذبح فيها ولده الذي رزقه الله إياه علي كبر ، لابد أنها رؤيا من الشيطان ، أو أضغاث أحلام ،
إلا أن النبي الكريم يعرف حق المعرفة أن هذا وحي لا مجال للنقاش ولا التردد والا التفكير فيه ، لا ينبغي أن يقال بعده إلا : سمعنا وأطعنا ,

نترك الأب ، ونذهب إلي الإبن المسلم البار المصدق ، كان من البديهي أن يقول لأبيه : يبدو أنك قد كبرت ، وأن عقلك تغير ، هل هذا هو الدين الذي تدعو إليه ؟؟ هل هذا ما أمرنا الله به ؟؟ هل هذا هو الإسلام ؟؟؟ أين هذا في الصحف أن يقتل الإنسان إنساناً لرؤيا رآها ؟؟ هل تريدني أن أصدق رؤيا وأترك الصحف ؟؟؟؟


لكن الإبن يعرف كما يعرف الأب تماماً ، أن هذه الرؤيا وحي غير قابل للنقاش ، واجب التنفيذ ، خالف العقل ، خالف المنطق ، خالف المنهج البريطاني ، هو وحي لا نقاش فيه ، ماذا كانت النتيجة ؟؟؟
فلما أسلما .
نغادر هذا المكان الطاهر ، بعد أن سمعنا شهادة الحكيم الخبير لهما ، نذهب إلي مكان آخر ، حيث يوجد نبي كريم ، كلمه الله عز وجل ، ومعه فتاه ، وأيضاً الخضر ،
موسي عليه السلام عالم ، معه التوراة ، فيها ككل الكتب النهي عن القتل والإفساد في الأرض ، يمشي موسي مع الخضر ، يتعلم من علمه الذي علمه إياه ذو الجلال والإكرام .
يقتل الخضر نفساً ، لا أي نفس ، بل غلام صغير ، لو كان شاباً لقيل ربما قاتل ، ربما مفسد في الأرض ، ربما زان ، لكن غلام !!! ، أي ذنب أذنبه ؟؟
موسي معه كتاب ينهي عن القتل والإفساد في الأرض ، والخضر يقتل غلاماً ، بأي شيء قتل الخضر ذلك الغلام المنهي عن قتله في الكتاب المنزل علي موسي ؟؟
هل بكتاب آخر مع الخضر ؟؟؟ أم بأمر من الله عز وجل للخضر ؟؟؟
هذا الأمر وحي من الله عز وجل ، كرؤيا إبراهيم التي هم بذبح إنسان بها أيضاً .
الخضر يفهم أن هذا الذي يوحي إليه لا جدال فيه ، واجب التنفيذ ، مهما تعارض مع العقل ، ومع نص آخر ، لسبب واحد فقط ، أن الله يحكم ما يشاء ، ولهذا فأمر قتل الغلام ليس قابلاً للتفكير ولا النقاش ولا أخذ رأي موسي فهو نبي كريم !! ، ولم يسأل موسي هل هذا نزل عليك في كتاب ؟ أنا معي كتاب فيه النهي عن القتل والإفساد في الأرض ، فما هذا التعارض ؟؟؟ لابد أنك فهمت خطأ أيها الخضر ، أو أن هذا من هواجس الشيطان !!!
كان ينبغي أن يكلم موسي ربه جل وعلا ، يقول : أي رب إن الخضر يفعل أشياءً لم تأت في الكتاب وإني أخشي أن يكون تشابه الأمر عليه !!!
نترك موسي والخضر ويوشع بن نون ، ونذهب إلي جزيرة العرب ، حيث كنا أولاً ، لكن إلي مدينة نبينا محمد صلي الله عليه ، قال عز وجل :
( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) )
فلما نبأت به وأظهره الله عليه ، أين في القرآن الموضع الذي أظهر الله سبحانه لنبيه ما قيل ؟؟ ، لا يوجد
اذن كيف أظهره عليه ؟؟؟ ، نبأني العليم الخبير !!
في غير الكتاب ؟؟؟؟ نعم في غير الكتاب .
ما زلنا في البقعة الطاهرة ، مع النبي محمد صلي الله عليه ، يقول الكبير المتعال :
( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) )
السؤال هو : أين الأمر بالتوجه إلي القبلة الأولي في الكتاب ؟؟ ، لا يوجد
إذن كيف أمر الله عز وجل نبيه محمد بالصلاة إلي القبلة الأولي ؟؟
الإجابة : بوحي غير الكتاب ، واجب التنفيذ لا حيلة عليه .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *