بدعة الإجماع في تفسير ويتبع غير سبيل المؤمنين
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين
أشهد ألا إله إلا هو سبحانه وتعالي ، أنزل الكتاب ، وأرسل النبي صلي الله عليه وسلم
اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي آل إبراهيم ، ثم أما بعد ،

في أثناء مسلسل التحريف والتبديل والتغيير في الدين ومعانيه وليس في نصوصه الذي حذرنا النبي صلي الله عليه وسلم من حدوثه ومن الانجراف فيه ، في هذه الأثناء وفي هذه الظلمة وفي هذا المستنقع طالت التحريفات في المعني وليس في النص بعض آيات كتاب الله العزيز كما هو شأن الأمم من قبلنا.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَن مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ» ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ»
أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجة ابن حبان وغيرهم.
في هذا الحديث تحذير واضح صريح من نبي الإسلام صلي الله عليه وسلم لأمته لمن آمن منهم بكلامه وصدقه ووقر في قلبه أن كلام هذا النبي عليه السلام هو الصدق وهو الحق وهو البيان لمراد الله عز وجل ، في هذا الحديث تحذير صريح من الوقوع من الذي وقع فيه اليهود والنصاري بالنسبة لطريقة تعاملهم وفهمهم لنصوص دينهم.
كيف تعامل هؤلاء مع دينهم ؟
ما هو الشيء الذي فعلوه وأرد نبينا عليه الصلاة والسلام أن يحذرنا منه ؟؟
قال تعالي في سورة النساء ” مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا “
هذا هو ما فعلوه وأراد الله عز وجل من نبيه عليه السلام أن يحذرنا من الوقوع فيه :
تحريف الكلم عن مواضعه
قولهم سمعنا وعصينا
وقولهم واسمع غير مسمع
هذا ما كان يفعله اليهود مع كتابهم ومع نبينا صلي الله عليه وسلم ، كانوا يغيرون معني الكلام ويصرفونه إلي معني آخر ،
وكانوا يقولون سمعنا وعصينا ، أي بلغنا النص ولن نعمل به ،
واسمع غير مسمع أي أسمع والذي تقوله كأنه غير مسموع !!
فهل فعلت هذه الأمة غير ذلك ؟؟
خذ أي آية أو أي حديث صحيح واذهب به إلي ” أهل الجهل ” الذين يسمونهم كذبا بأهل العلم وانظر ماذا سيفعلون بالآية أو بالحديث الصحيح.
سيحرفون الكلم عن مواضعه
وسيقولون سمعنا وعصينا وقل ما تقول فإن ما تقوله غير مسموع
قال مسلم رحمه الله في صحيحه :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّة مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»
قال النووي :
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّة مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) الْبَوَائِقُ جَمْعُ بَائِقَةٍ وَهِيَ الْغَائِلَةُ وَالدَّاهِيَةُ وَالْفَتْكُ ، وَفِي مَعْنَى لَا يَدْخُلُ الْجَنَّة جَوَابَانِ يَجْرِيَانِ فِي كُلِّ مَا أَشْبَهَ هَذَا أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَسْتَحِلُّ الْإِيذَاءَ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ فَهَذَا كَافِرٌ لَا يَدْخُلُهَا أَصْلًا وَالثَّانِي مَعْنَاهُ جَزَاؤُهُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا وَقْتَ دُخُولِ الْفَائِزِينَ إِذَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا لَهُمْ بَلْ يُؤَخَّرُ ثُمَّ قَدْ يُجَازَى وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ فَيَدْخُلُهَا أَوَّلًا وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَا هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ لِأَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ مُصِرًّا عَلَى الْكَبَائِرِ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ تعالى ان شاء عَفَا عَنْهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ أَوَّلًا وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ)
هذا هو تحريف الكلم عن مواضعه الذي تكرر مئات المرات من النووي أثناء شرحه لصحيح مسلم !!
لا يدخل ، عبارة واضحة يفهمها أي إنسان ، حبشي أو عربي أو رومي لا تحتاج إلي شرح !!
الآن سيتدخل النووي لحل المعضلة ، وسيدخل من لا يأمن جاره بوائقه جنة النووي لا غير ، جعل النووي الوعيد لمن يؤذي جاره مستحلاً ، فإن لم يكن مستحلاً للإيذاء سيدخله النووي الجنة لكن سيتأخر قليلاً لأنه سيدخل في نهاية الطابور إلي جنة النووي !!
محمد صلي الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة
هل أخفي محمد شيئاً مما أمره ربه بتبليغه ؟
الإجابة : لا
هل بين محمد كل ما أمره به ربه سبحانه أم لم يبين ؟
الإجابة : بين كل ما أمره به الله عز وجل
هل أوتي محمد جوامع الكلم ؟
الإجابة : نعم
هل عجز محمد أن يقول لا يددخل الجنة في أول الداخلين من لا يأمن جاره بوائقه ؟
الإجابة : حاشا وكلا
هل سيدخل من لا يأمن جاره بوائقه الجنة ؟؟
الإجابة : ؟؟؟؟؟؟
الآن بماذا ستجيب ؟؟
هل ستقول سمعنا وأطعنا أم ستقول سمعنا وعصينا ؟
هل ستقول أسمع غير مسمع ؟ أم ستقول سمعنا واطعنا ؟
هل ستقول : نسلم تسليما أم ستقول : قال النووي وتحرف الكلم عن مواضعه ؟؟؟
أجيب أنا : اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي آل إبراهيم وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي آل إبراهيم.
ومن الآيات التي لاقت نفس هذا المصير قوله تعالي : ” وَمَنْ يُشَاقِق الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا”
ما هو سبيل المؤمنين ؟
هل ذكره الله تعالي في كتابه وأمرنا باتباعه ولم يبين لنا ما هو سبيل المؤنين هذا ؟؟
لنسأل الله عز وجل : ما هو سبيل المؤمنين يا ربنا تعاليت وتقدست ؟؟
لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِين وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ
فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)
آل عمران
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144)
النساء
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِين أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)
التوبة
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِين إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)
النور
وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِي
القصص (٤٧ )
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)
الأحزاب
فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)
النساء
هذا هو سبيل المؤمنين الوحيد الذي ذكره الله عز وجل في كتابه : طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيل الله وموالاة المؤمنين.
هل رأيت كلمة زيادة عن هذا ؟؟
هل فهمت أن هذه الآية دلالة علي الإجماع ؟
هل فهمت منها أن الله عز وجل تعهد بوصول كل قول قيل في مكان ما إلي كل بلاد الإسلام ؟
هل فهمت منها أن الله عز وجل تعهد بحفظ أقوال الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومن بعدهم في كل عصر مع بلوغ قول كل إنسان منهم إلي كل من هم في زمانه ؟
هل فهمت منها أنه إذا سمع سامع قولاً فسكت ولم يتكلم فإنه يجب أن يكون موافقا وراضيا عن هذا القول ؟
أطع الله ورسوله ولا تأبه لتلك الترهات فإن أكثر من في الأرض لا يفقهون ولا يعقلون ولا يعلمون كما ذكر الله عز جل في كتابه الحكيم .