9269- عن عبد الرحمن بن عَمرو السلمي، وحجر بن حجر، قالا: أتينا العرباض بن سارية، وهو ممن نزل فيه: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه} فسلمنا، وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال عرباض:
«صلى بنا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم، الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (1).
أخرجه أحمد 4/ 126 (17275). وأَبو داود (4607) قال: حدثنا أحمد بن حنبل. و«ابن حِبَّان» (5) قال: أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي، قال: حدثنا علي بن المديني.
كلاهما (أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني) قالا: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا ثور بن يزيد، قال: حدثنا خالد بن معدان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عَمرو السلمي، وحجر بن حجر، فذكراه.
ـ قال أَبو حاتم ابن حبان: في قوله صَلى الله عَليه وسَلم: «فعليكم بسنتي» عند ذكره الاختلاف الذي يكون في أمته، بيان واضح أن من واظب على السنن، قال بها، ولم يعرج على غيرها من الآراء، من الفرق الناجية في القيامة، جعلنا الله منهم بمنه.
__________
(1) اللفظ لأحمد (17275).
• أخرجه أحمد 4/ 126 (17272) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا معاوية، يعني ابن صالح، عن ضمرة بن حبيب. وفي (17274) قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، عن ثور، عن خالد بن معدان. و«الدارمي» (101) قال: أخبرنا أَبو عاصم، قال: أخبرنا ثور بن يزيد، قال: حدثني خالد بن معدان. و«ابن ماجة» (43) قال: حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور، وإسحاق بن إبراهيم السواق، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب. وفي (44) قال: حدثنا يحيى بن حكيم، قال: حدثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان. و«التِّرمِذي» (2676) قال: حدثنا علي بن حُجْر، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد, عن خالد بن معدان. وفي (2676م) قال: حدثنا بذلك الحسن بن علي الخلال، وغير واحد، قالوا: حدثنا أَبو عاصم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان.
كلاهما (ضمرة بن حبيب، وخالد بن معدان) عن عبد الرحمن بن عَمرو السلمي، أنه سمع العرباض بن سارية يقول:
«صلى لنا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم الفجر، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت لها الأعين، ووجلت منها القلوب، قلنا، أو قالوا: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم يرى بعدي اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة» (1).
__________
(1) اللفظ لأحمد (17274).
– وفي رواية: «وعظنا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم موعظة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله، إن هذه لموعظة مودع، فما تعهد إلينا؟ قال: قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، فمن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة، وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف، حيثما قيد انقاد» (1).
ليس فيه: «حجر بن حجر» (2).
ـ قال أَبو عيسى التِّرمِذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عَمرو السلمي، عن العرباض بن سارية، عن النبي صَلى الله عَليه وسَلم، نحو هذا، والعرباض بن سارية يكنى أبا نجيح.
وقد روي هذا الحديث عن حجر بن حجر، عن عرباض بن سارية، عن النبي صَلى الله عَليه وسَلم، نحوه.
• وأخرجه أحمد 4/ 127 (17276) قال: حدثنا حيوة بن شريح، قال: حدثنا بقية، قال: حدثني بحير بن سعد. وفي (17277) قال: حدثنا إسماعيل، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث.
كلاهما (بحير بن سعد، ومحمد بن إبراهيم) عن خالد بن معدان، عن ابن أبي بلال، عن عرباض بن سارية، أنه حدثهم؛
«أن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم، وعظهم يوما بعد صلاة الغداة» فذكره (3).
__________
(1) اللفظ لابن ماجة (43).
(2) المسند الجامع (9782)، وتحفة الأشراف (9890)، وأطراف المسند (6039).
والحديث؛ أخرجه ابن أبي عاصم، في «السنة» (31: 33 و48 و54 و56 و57 و1037 و1039 و1040 و1044)، والطبراني 18/ (617: 620)، والبيهقي 10/ 114، والبغوي (102).
(3) المسند الجامع (9783)، وأطراف المسند (6039).
والحديث؛ أخرجه الطبراني 18/ (624).
9270- عن يحيى بن أبي المطاع، قال: سمعت العرباض بن سارية يقول:
«قام فينا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم، ذات يوم، فوعظنا موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقيل: يا رسول الله، وعظتنا موعظة مودع، فاعهد إلينا بعهد، فقال: عليكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا، وسترون من بعدي اختلافا شديدا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة».
أخرجه ابن ماجة (42) قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء، يعني ابن زبر، قال: حدثني يحيى بن أبي المطاع، فذكره (1).
__________
(1) المسند الجامع (9784)، وتحفة الأشراف (9891).
والحديث؛ أخرجه ابن أبي عاصم، في «السنة» (26 و55 و1038)، والبزار (4201)، والطبراني 18/ (622).
ـ فوائد:
ـ قال أَبو زُرعَة الدمشقي: قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم، يعني دحيما، تعجبا لقرب يحيى بن أبي المطاع، وما يحدث عنه عبد الله بن العلاء بن زبر، أنه سمع من العرباض!، فقال: أنا من أنكر الناس لهذا.
وقال أَبو زُرعَة: والعرباض قديم الموت، روى عنه الأكابر: عبد الرحمن بن عَمرو السلمي، وجبير بن نفير، وهذه الطبقة. «تاريخه» 1/ 605.
قلنا : إسناده ضعيف ،
الأول ؛ فيه عبد الرحمان بن عمرو السلمي ، لاتقوم به حجةٌ ، إذ لم يوثقه أحدٌ ممن يُعتمد عليه في الجرح والتعديل ، قال ابن القطان : مجهول ، وقال ابن حَجَر ، في ((التقريب)) : مقبول ، وهذه عنده تعني : لين الحديث ، كما بين في مقدمة كتابه ، خاصة وأن الذي تابعه هو : حُجْر بن حُجْر ، وهو مجهول ، تفرد بالرواية عنه خالد بن معدان ، ولذا أورده الذهبي في الميزان ، وقال : حجر بن حجر الكلاعي ، ما حدث عنه سوى خالد بن معدان ، بحديث العرباض ، مقرونًا بآخر.
وفي التقريب ، قال ابن حجر : مقبول.
والطريق الثاني ، فيه عبد الرحمان بن عمرو السلمي ، سبق الحديث عنه.
قال الحافظ العراقي : عبد الرحمان بن عمرو بن عبسة السلمي ، روى عن العرباض بن سارية ، قال : ((صلى بنا رسول الله ذات يوم ، ثم أقبل علينا ، فوعظنا موعظةً بليغةً…)) الحديث ، رواه عنه خالد بن معدان ، عنه ، وعن حُجر بن حُجر ، عن العرباض بن سارية.
قال ابن القطان : مجهولٌ ، والحديث لا يصح. ((ذيل ميزان الاعتدال)) (523).
والطريق الثالث ؛ فيه عبد الله بن أبي بلال الخزاعي ، وهو مجهول أيضًا ، تفرد بالرواية عنه خالد بن معدان ، ولذا أورده الذهبي في ((الميزان)) .
ورابعهم أضعفهم ، فهو من رواية يحيى بن أبي المطاع ، عن العرباض ، ويحيى لم يسمع من العرباض شيئًا ، والعجيب أنه يأتي في بعض روايته : سمعت العرباض ، وهذه إن وقعت منه كانت كذبًا ، وإن كانت من الرواة عنه ، كانت كذلك ، وتدليسًا.
قال أبو زرعة الرازي لدُحيم ، تعجبًا من حديث الوليد بن سليمان ، قال صحبتُ يحيى بن أبي المطاع : كيف يُحدث عبد الله بن العلاء بن زبر ، عنه ، أي عن يحيى بن أبي المطاع ، أنه سمع العرباض ، مع قُرب عهد يحيى ؟! قال : أنا مِنْ أنكر الناس لهذا ، والعرباض قديم الموت. قال ابنُ حَجَر : قلت : وزعم ابن القطان أنه لا يُعرف حاله. ((تهذيب التهذيب)) ، ترجمة يحيى بن أبي المطاع.
قال الذهبي : يحيى بن أبي المطاع ، عن العرباض ، ومعاوية ، قال دُحيم : ثقةٌ معروفٌ ، و قد استبعد دُحيم لُقيه للعرباض ، فلعله أرسل عنه ، فهذا في الشاميين كثير الوقوع ، يروون عمن لم يلحقوهم. ((ميزان الاعتدال)) (9643).
قلنا : وفي إسناده أيضًا الوليد بن مسلم ، والذي يدلس تدليس التسوية.
فلم يرد هذا الحديث من طريق صحيح ثابت لا مطعن فيه ، وإنما جاء من طرق يوهن بعضُها بعضًا.
فعند المسلم ، انتهي الأمر ، الدين يثبت بالقطع ولا يثبت بالظن ،
أما المشرك الذي يبحث عن أحد يوسع له الدين ، فسيبحث عن حجج ساقطة ليصحح بها الحديث أو يحسنه !!
فأي نبي ، لا يستطيع أن يأمر الناس بعبادته هو ولا غيره من النبيين ، بل ولا الملائكة ، وهذا الحديث المكذوب المزعوم نزل عن هذه الدرجات العلي ، ويأمر باتباع أصحاب النبي ،
فالموعظة كانت في حضور جمع كبير من الصحابة تجمعوا في صلاة الغداة ، وهذا يجعل الانفراد بنقل هذا الخبر فيه نظر .
فإذا كان الحديث :
1 – لم يأت بأي إسناد صحيح أبدا .
2 – ولم يعرفه أحدٌ من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ولم يحاجج بعضهم بعضاً به طوال سنوات حدث فيها من الخلاف والفتن ما لا يخفي علي أحد ، فمن أين جاء ؟
3 – الحديث علي ضعفه ، وعدم صحته ، وعدم معرفة أحد به ولا احتجاجه به ، مخالف لأصل التوحيد الذي جاء الدين من أجله ، فالأمر هنا باتباع ناس أكبر منقبة لهم هي اتباع النبي ، بشر غير معصومون يصيبون ويخطئون رضي الله عنهم جميعاً .
4 – لم يبين لنا النبي من هم الراشدون ولا فرق بينهم وبين غيرهم ؟ هل هم أبو بكر وعمر ؟ أم معهم عثمان ؟ أم أربعة إذا أضفنا علياً ؟ رضي الله عنهم جميعاً ؟؟
5 – لم يروه أحد غير العرباض رضي الله عنه ( من طرق كلها فيها مقال ) ، وقد تجنب الشيخان رواياته بسبب عدم جودة الأسانيد إليه .
وشرط الحبشي أن يقودنا بكتاب الله عز وجل لتجب له الطاعة .
لفظ الحديث ووصف الخلفاء بالهداية يقتضي اتباع الوحي لا غير :
لفظة المهديين في هذا الحديث المنسوب الي النبي صلي الله عليه وسلم حجة في اتباع الوحي حصرا لو ثبت ،
فالمهدي هو من يتبع الوحي حصرا ، ولولا النبي ورسالته التي اوحاها الله عز وجل إليه ما كان الصحابة من المهديين
فالهدي هو هدي الله عز وجل
ولا يقول عاقل ولا مسلم أن أحدا من الخلفاء معصوم أو عنده الدين الكامل كما كان عند النبي محمد صلي الله عليه وسلم ، فقد أخطأوا في حياته ومن بعده ، ولا يستثني من هذا أحد .
فلزم أن كل خليفة إنما هو مهدي فيما اتبع فيه الوحي حصرا ، ومخطيء إذا خالف الوحي .
فإذا سلمنا نظريا للمخالفين بصحة الحديث فهو إنما فيما وافق الوحي حصرا والا لزم أن خلاف الوحي هدي .