مالك بن أبي عامر

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبُو أَنَسٍ (2) : أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ ثَلاثًا ثَلاثًا، وَعِنْدَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” أَلَيْسَ هَكَذَا رَأَيْتُمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ قَالُوانَعَمْ (1) .


فوائد:

ـ قال عبد الله بن أحمد بن حنبلحدثني أبي، قالحدثنا وكيع، قالحدثنا سفيان، عن أبي النضر، عن أبي أنس؛ أن عثمان توضأ ثلاثا ثلاثا، قال أبيإنما هوعن بسر بن سعيد. «العلل ومعرفة الرجال» (2260).

ـ وقال ابن أبي حاتمسئل أَبو زُرعَة عن حديث؛ رواه الفريابي، عن سفيان، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، أن عثمان توضأ ثلاثا ثلاثا، ثم قال لأصحاب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلمهكذا رأيتم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم يتوضأ؟ قالوانعم.

ورواه وكيع، عن سفيان، عن أبي النضر، عن أبي أنسأن عثمان توضأ بالمقاعد، فقالألا أريكم وضوء رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم؟ قالثم توضأ ثلاثا ثلاثا.

قال أَبو زُرعَةوهم فيه الفريابي، الصواب ما قال وكيع.

وسألت أبيعن هذا الحديث؟ فقالحديث وكيع أصح، وأَبو أَنس جد مالك بن أنس، وأَبو أنس، عن عثمانمتصل، وبسر بن سعيد، عن عثمانمرسل. «علل الحديث» (143).

ـ وقال أَبو الحسن الدارقُطنيرواه أَبو النضر سالم، واختلف عنه؛

فرواه الثوري، عنه واختلف عنه أيضا.

ورواه أَبو نعيم، وأَبو حذيفة، والعدنيان عبد الله بن الوليد، ويزيد بن أبي حكيم، وعبيد الله الأشجعي، وغيرهم عن الثوري، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن عثمان.

وخالفهم وكيع بن الجراح، وأَبو أحمد الزبيري روياه عن الثوري، عن أبي النضر، عن أبي أنس، وهو مالك بن أبي عامر جد مالك بن أنس، عن عثمان.

ورواه يزيد بن أبي حبيب، عن أبي النضر مرسلا، عن عثمان، ولم يأت بحجة.

والصحيح قول من قال عن بسر بن سعيد، والله أعلم. «العلل» (259).

ـ وقال الدارقُطني أيضاأخرج مسلم عن أَبي بكر وقتيبة وأبي خيثمة، عن وكيع، عن سفيان، عن أبي النضر، عن أبي أنس، عن عثمان، حديث الوضوء.

وهذا مما وهم فيه وكيع بن الجراح، على الثوري، مما يعتد به عليه.

وقد خالفه أصحاب الثوري الحفاظ، منهمعبيد الله الأشجعي، وعبد الله بن الوليد، ويزيد بن أبي حكيم العدنيان، والفريابي، ومعاوية بن هشام، وأَبو حذيفة، وغيرهم، فرووه عن الثوري، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن عثمان، وهو الصواب.

ولم يخرج مسلم حديث بسر بن سعيد المجمع عليه، وأخرج حديث أبي أنس، وهو وهم من وكيع، والله أعلم.

وقد رواه محمود بن غيلان، عن وكيع، وأبي أحمد، عن الثوري، عن أبي النضر، عن أبي أنس، حمل أحدهما على الآخر.

وغيره يرويه عن أبي أحمد على الصواب.

وقد رواه الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي النضر، عن عثمان، مرسلا، لم يذكر بينهما أحدا.

وحديث وكيع، وقولهعن أبي النضر، عن أبي أنس، عن عثمان، وهم منه، اشتبه عليه، لأنه كان يحدث من حفظه. «التتبع» (176).

ـ وقال أَبو علي الغساني الجيانييذكر أن وكيع بن الجراح وهم في إسناد هذا الحديث، في قولهعن أبي أنس، وإنما يرويه أَبو النضر، عن بسر بن سعيد، عن عثمان، روينا هذا، عن أحمد بن حنبل، وغيره.

وهكذا قال الدارقُطنيهذا مما وهم فيه وكيع، على الثوري، وهو مما يعتد به عليه، وخالفه أصحاب الثوري الحفاظ، منهمالأشجعي عبيد الله، وعبد الله بن الوليد، ويزيد بن أبي حكيم، العدنيان، والفريابي، ومعاوية بن هشام، وأَبو حذيفة، وغيرهم، رووه عن الثوري، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، أن عثمان، وهو الصواب. «تقييد المهمل» 3/ 784.

ـ قلناأَبو أنس، هو مالك بن أبي عامر الأصبحي، وأَبو النضر، هو سالم بن أبي أمية القرشي، وسفيان، هو الثوري.


فهذا الحديث لم يروه مالك بن أبي عامر بل هو خطأ من وكيع علي سفيان ، فكأن هذه الرواية غير موجودة .

*******

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، يَقُولُجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَيَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِسْلامُ؟ قَالَ: ” خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ” قَالَهَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: ” لَا ، وَسَأَلَهُ عَنِ الصَّوْمِ؟ فَقَالَ: ” صِيَامُ رَمَضَانَ ” قَالَهَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: ” لَا “. قَالَوَذَكَرَ الزَّكَاةَ، قَالَهَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: ” لَا “. قَالَوَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ، وَلا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” قَدْ أفْلَحَ إِنْ صَدَقَ ” (1)


هذا مما تفرد به مطلقا نافع بن أبي مالك عن أبيه مالك بن أبي عامر عن طلحة .

وهذا معارض بغير نص ثابت صحيح :

” يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) “


فالعذاب والاستبدال جاء علي عدم النفرة بعد الأمر بها ، وهذا الحديث فيه فلاح من لم ينفر واكتفي بهذه الأشياء المذكورة .



عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ:

دَخَلَ رَجُلٌ المَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم يَخْطُبُ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَأَصَلَّيْتَ؟ قَالَلاَ، قَالَقُمْ فَصَل الرَّكْعَتَيْنِ“.

– وفي رواية: “جَاءَ رَجُل، وَالنَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَلَى المِنْبَرِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُأَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَلا، قَالَفَارْكَعْ“.

__________

أخرجه الطَّيَالِسِي، والحُميدي، وأَحمد، والدَّارِمي، والبخاري، ومسلم، وأَبو داوُد، وابن ماجة، والتِّرمِذي، وابن الجارود، والنسائي، وأَبو يَعلَى، وابن خُزيمة، والطَّبراني، والدَّارَقُطْنِي، والبَيهَقي.


فالرجل لما ترك الركعتين قطع النبي صلي الله عليه خطبته ، وأمره بهما ، والحديث الآخر فيه أنه لن يصليهما بل سيكتفي بالخمس ، ولو كان هكذا لما قطع النبي الخطبة وأمر بهما .



عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ كَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَالَسَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ، حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:

لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، إِلاَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي قَدْ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهُ، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، وَالمُسْلِمُونَ، يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهُمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، وَكَانَ مِنْ خَبَرِي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي، حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَاللهِ مَا جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ، حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلاَ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِمُ الَّذِي يُرِيدُ، وَالمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم كَثِيرٌ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابُ حَافِظٍ – يُرِيدُ بِذَلِكَ الدِّيوَانَ – قَالَ كَعْبٌفَقَلَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ، يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ مِنَ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَغَزَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ، فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ، فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، وَأَقُولُ فِي نَفْسِيأَنَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَرَدْتُ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِي، حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم غَادِيًا، وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِي حَتَّى أَسْرَعُوا، وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، فَيَالَيْتَنِي فَعَلْتُ، ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لِي، فَطَفِقْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ، بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، يَحْزُنُنِي أَنِّي لاَ أَرَى لِي أُسْوَةً، إِلاَّ رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، حَتَّى بَلَغَ تَبُوكًا، فَقَالَ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَمَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَيَا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍبِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ، رَأَى رَجُلاً مُبَيِّضًا، يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ، فَإِذَا هُو أَبُو خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ، حِينَ لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍفَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلاً مِنْ تَبُوكَ، حَضَرَنِي بَثِّي، فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ، وَأَقُولُ بِمَ أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي، فَلَمَّا قِيلَ لِيإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ، حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ، فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَلاَنِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ، حَتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَتَعَالَ، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِيمَا خَلَّفَك؟ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ قَالَقُلْتُيَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي وَاللهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً، وَلَكِنِّي، وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ، لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي، لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لأَرْجُو فِيهِ عُقْبَى اللهِ، وَاللهِ مَا كَانَ لِي عُذْرٌ، وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي، حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ، فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لِيوَاللهِ، مَا عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًَا قَبْلَ هَذَا، لَقَدْ عَجَزْتَ فِي أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ إِلَيْهِ المُخَلَّفُونَ، فَقَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ، اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم لَكَ، قَالَفَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي، حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، قَالَثُمَّ قُلْتُ لَهُمْهَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوانَعَمْ، لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلاَنِ، قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قِيلَ لَكَ، قَالَقُلْتُمَنْ هُمَا؟ قَالُوامُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَامِرِيُّ، وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، قَالَفَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ، قَدْ شِهدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ، قَالَفَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي، قَالَوَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، المُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا، أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، قَالَفَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وَقَالَتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ لِي فِي نَفْسِيَ الأَرْضُ، فَمَا هِيَ بِالأَرْضِ الَّتِي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا، وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِيهَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ أَمْ لاَ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ، وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِي نَظَرَ إِلَيَّ، وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ المُسْلِمِينَ، مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ لَهُيَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللهِ، هَلْ تَعْلَمَنَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَفَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَقَالَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي سُوقِ المَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ، مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالمَدِينَةِ، يَقُولُمَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ قَالَفَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ، حَتَّى جَاءَنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا فِيهِأَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ، قَالَفَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَاوَهَذِهِ أَيْضًا مِنَ الْبَلاَءِ، فَتَيَامَمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسِينَ، وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم يَأْتِينِي، فَقَالَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، قَالَفَقُلْتُأُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَلاَ، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلاَ تَقْرَبَنَّهَا، قَالَفَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ، قَالَفَقُلْتُ لاِمْرَأَتِيالْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِي هَذَا الأَمْرِ، قَالَفَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فَقَالَتْ لَهُيَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ، لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَلاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ، فَقَالَتْإِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَوَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، قَالَفَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِيلَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم فِي امْرَأَتِكَ، فَقَدْ أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ، قَالَفَقُلْتُلاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، وَمَا يُدْرِينِي مَاذَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، قَالَفَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ، فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً، مِنْ حِينَ نُهِيَ عَنْ كَلاَمِنَا، قَالَثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ، يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِيَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ، قَالَفَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، قَالَفَآذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، النَّاسَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا، حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ قِبَلِي، وَأَوْفَى الْجَبَلَ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، فَنَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ، وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ، وَيَقُولُونَلِتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ، حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ، وَحَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، قَالَفَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌفَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، قَالَوَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ، وَيَقُولُأَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ، قَالَفَقُلْتُأَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ فَقَالَلاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، قَالَوَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ، قَالَفَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قُلْتُيَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قَالَفَقُلْتُفَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَرَ، قَالَوَقُلْتُيَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ إِنَّمَا أَنْجَانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ، قَالَفَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللهُ، فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ، مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، إِلَى يَوْمِي هَذَا، أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِي اللهُ بِهِ، وَاللهِ، مَا تَعَمَّدْتُ كَذْبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِيَ اللهُ فِيمَا بَقِيَ، قَالَفَأَنْزَلَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌوَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْحَتَّى بَلَغَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَقَالَ كَعْبٌوَاللهِ، مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ، بَعْدَ إِذْ هَدَانِي اللهُ لِلإِسْلاَمِ، أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، إِنَّ اللهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا، حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ، شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ، وَقَالَ اللهُ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَيَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَقَالَ كَعْبٌكُنَّا خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم ، حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَمْرَنَا، حَتَّى قَضَى اللهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواوَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ مِمَّا خُلِّفْنَا، تَخَلُّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا، وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا، عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ“.

__________

أَخرجه أَحمد، والدَّارِمي، والبُخاري، ومسلم، وأَبو داوُد، والنَّسَائي.



فلا شك أن كعباً قد صلي وصام وزكي وفعل كل ما جاء في الخمس ، وتعرض للاتهام بالنفاق لمجرد أنه سوف في التجهز مع وجود النية التامة للخروج حتي تخلف ، ها التخلف جعله موضعاً للاتهام مع التزامه بما أقسم الأعرابي أنه سيفعله وأكثر ، وكان عرضة للهلاك لولا فضل الله عليه ورحمته .


وتوجد العديد من المواضع في الكتاب والحكمة تبين أن هذا الإكتفاء بالخمس لا يجزيء في شيء وحده .

*******

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أُنَيْسٍ (1، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ” (2)


حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِر عَنْ أَبِيهِ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ” (1)


حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِذَا اسْتَهَلَّ رَمَضَانُ، غُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ” (1)


حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِذَا كَانَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ” (1)


هذا الحديث لم يصح من أي طريق عن أي صحابي ، ولا من أي وجه عن أبي هريرة ، بل كل أوجهه عن أبي هريرة فيها اختلاف كبير ،

وأيضاً رواه مالك فقال :

  • وأخرجه مالك (1) (862) عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنه قالإذا دخل رمضان، فتحت أَبواب الجنة، وغلقت أَبواب النار، وصفدت الشياطين. «موقوف» (2).

فهذا اسناد لا شك في صحته يضيف إشكالاً إلي تفرد نافع عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً .


*******

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي أَبُو سُهَيْلٍ (2نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ” (3)

هذا مما تفرد به مطلقاً نافع عن أبيه عن أبي هريرة ، ولم يأت من وجه أو طريق صحيح آخر .


*******

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ (3، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَا أُحِبُّ أَنَّ عِنْدِي أُحُدًا ذَهَبًا يَأْتِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ، وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا شَيْءٌ أَرْصُدُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ يَكُونُ عَلَيَّ ” (4)


صح هذا الحديث من روايى محمد بن جعفر عن شعبة عن عن محمد بن زياد عن أبي هريرة ، لكن الرواية عن نافع عن أبيه لا تثبت لأنها من رواية عبد العزيز بن محمد ، وو ليس من الأثبات ، فلا يمكن التيقن من أن نافعاً قد أخبره هذه الرواية .

*******

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَأَخْبَرَنِي أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوَتْرِ مِنَ الْعَشْرِ ” (2)


أَخرجه مالك (891) قالوحدثني زياد، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم قال:

«تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»، «مرسل» (2).


وهو ثابت عن عائشة :

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ هِشَامٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : ” الْتَمِسُوا “. 

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَيَقُولُ : ” تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ “.

ويشبه أن يكون الخلاف فيه من هشام نفسه .

*******


«صحيح مسلم» (5/ 43 ط التركية):

أَبُو الطَّاهِرِ، ‌وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، ‌وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ‌ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي ‌مَخْرَمَةُ ، عَنْ ‌أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ‌‌سُلَيْمَانَ ‌بْنَ ‌يَسَارٍ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ ‌مَالِكَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ ‌عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ، وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ .»


لا يعرف عن عثمان إلا من هذا الوجه

———-

قال المزي في تهذيب الكمال :

خ م د ت س ق ) : مالك بن أبى عامر الأصبحى ، أبو أنس ، و يقال أبو محمد ، المدنى ، جد مالك بن أنس ، و يقال اسم أبى عامر عمرو اهـ .

و قال المزى :

ذكره محمد بن سعد فى الطبقة الثانية من أهل المدينة ، و قال فرض له عثمان .

و قال النسائى ثقة .

و ذكره ابن حبان فى كتاب ” الثقات ” .

و قال الوليد بن مسلم قال مالك كان جدى مالك بن أبى عامر ممن قرأ فى زمن عثمان ، و كان يكتب المصاحف .

و قال إسماعيل بن أبى أويس عن أبيه قلت للربيع بن مالك متى هلك أبوك ؟

يعنى مالك بن أبى عامر قال حين اجتمع الناس على عبد الملك بن مروان

يعنى سنة أربع و سبعين .

روى له الجماعة اهـ .

********

قال الحافظ في تهذيب التهذيب 10 / 19

عقب قوله و وهم عبد الغنى فى ” الكمال ” تبعا لابن سعد عن الواقدى ، فقال :

إنه مات سنة اثنتى عشرة و مئة ، و هو ابن سبعين أو اثنتى و سبعين سنة . ) :

و تعقبه المنذرى بأن سماعه من طلحة مصرح به فى ” الصحيح ” ، و طلحة قتل سنة ست

و ثلاثين ، و على ما ذكره يكون مولده سنة أربعين ، فكيف يمكن سماعه ، ثم قال :

فلعل كان الوهم فى سنه ، و الصواب تسعين ، بتقديم التاء انتهى .

و هو مشكل أيضا ، فقد صح سماعه من عمر فإنه قال شهدت عمر عند الجمرة ، و ذكر

قصة أوردها ابن سعد بسند جيد ، و الصواب ما ذكر فى الأصل ، و كذا ذكره البخارى

فى ” الأوسط ” فى فصل من مات ما بين السبعين إلى الثمانين .

و قال ابن سعد كان ثقة ، و له أحاديث صالحة اهـ .

ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ


أقول :

مالك بن أبي عامر لا يحتج بحديثه  قليل الحديث كثير التفرد بالنسبة لقلة حديثه .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *