ما هي حقيقة عدم إفطار الحائض في رمضان

تساؤلات مشروعة حول أحاديث عدم صيام الحائض في رمضان

الحمد لله رب العالمين 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

 

ما زلتُ في دائرة بحث الروايات المسندة والتي بُني عليها حكم إفطار الحائض في شهر رمضان وعدم صيامها أيام حيضتها ، لكن ليس من جهة الإسناد هذه المرة

ما زلتُ في دائرة بحث الروايات المسندة والتي بُني عليها حكم إفطار الحائض في شهر رمضان وعدم صيامها أيام حيضتها ، لكن ليس من جهة الإسناد هذه المرة .

بعض التساؤلات لا أجد لها إجابات – بصرف النظر عن حال إسناد الروايتين – متعلقة بالمتن وببدء معرفة الحكم وبتصور قصة بدء الصوم من أولها .

يفترض أن صوم رمضان قد بدأ بنزول آية البقرة :

{  شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ  } [البقرة:185]

أحاول أن أتصور حال المسلمين في المدينة لما نزلت هذه الآية ، وقدوم أول رمضان عليهم ، من البديهي أن الكل سيستعد للصوم رجالا ونساءً حُيض أو غير حُيض لا فرق بينهما لأن الآية لم تفرق بينهما .

إذن ولكي تعرف النساء هذا المفترض وهو إفطار الحائض أيام حيضتها يجب أن يتوفر مزيد بيان يبين لهن أنه لا صوم لحائض ، وهذا يفترض أن يحدث مع نزول الآية أو قبل أول رمضان بعد نزولها .

لكن هذا غير موجود ، نزلت الآية في هدوء ، وقال الناس سمعنا وأطعنا ، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً .

 

فإذا انتقلنا إلي المتن المعروف المشهور سواء عن أبي سعيد أو عبد الله بن عمر سنفهم مباشرة أن النسوة كن يعلمن الحكم بإفطار الحائض في رمضان :

فقلن له: ما نقصان ديننا وعقلنا، يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذاك نقصان عقلها، أو ليست إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذاك نقصان دينها.

فعندما سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم النسوة : أو ليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟

أجبنه : بلى .

إذن يعرفن الحكم ، فإذا عرفنا أن هذا الحدث المفترض كان بعد صلاة عيد أضحى أو فطر ، فعلى الأقل مر عليهن رمضان واحد ، فمن أين عرفن هذا الحكم الخاص بالصيام ؟ كيف بلغهن ؟

 

هنا تثور النقطة الثالثة وهي انتشار الحكم بين النساء قبل هذه الحادثة المزعومة ، كيف حصل ؟

كيف عرفنه كلهن في أقطار المدينة ؟

هل بلغه لهن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ؟

أم عن طريق زوجاته أمهات المؤمنين ؟

هنا يوجد الكثير من الغموض حول حكم فيه مزيد بيان عن الكتاب ، وصل إلى جميع النسوة في المدينة وإلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم وإلى بناته ، ولا يوجد له أثر في كتب الاسلام المسندة ولا الغير المسندة ولا في تفاسير ولا في أسباب نزول ولا شئ !

 

هنا انتقل إلى النقطة الرابعة وهي : هل تكلم النبي صلى الله عليه وسلم في أمور تخص الحيض ؟

الإجابة : نعم .

– قال البخاري :

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي قَالَ مَا لَكِ أَنُفِسْتِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ .

هنا بين النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة أن الحائض لا تطوف بالبيت وقت الحاجة ، علم نبي الله عائشة أحكام الحائض في الحج والعمرة ، وعائشة أم المؤمنين نقلت لنا بيان نبي الله صلى الله عليه وسلم .

– روى مالك في الموطأ قال :

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ «أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌وَأَنَا ‌حَائِضٌ»

وهذا بيان من نبي الله صلى الله عليه وسلم أن الحائض طاهرة جميعها ولا يترتب على ملامستها شئ بعكس شرائع سابقة فيما زعموا .

– قال البخاري :

حَدَّثَنَا ‌الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ‌هِشَامٌ، عَنْ ‌يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ ‌أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ ‌زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ: أَنَّ ‌أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ: «بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعَةٌ فِي خَمِيصَةٍ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حَيْضَتِي، قَالَ: ‌أَنَفِسْتِ؟. قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَانِي، فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ»

 

هنا مزيد بيان من النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص نوم الحائض مع زوجها بخلاف شرائع سابقة بزعم أصحابها .

– قال البخاري :

حَدَّثَنَا ‌قَبِيصَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا ‌سُفْيَانُ، عَنْ ‌مَنْصُورٍ، عَنْ ‌إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ‌الْأَسْوَدِ، عَنْ ‌عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، كِلَانَا جُنُبٌ،

وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ، ‌فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ،

وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ»

هنا بين النبي صلى الله عليه وسلم حكم مباشرة الحائض بدون جماع فقط المباشرة .

 

– روى مالك في الموطأ :

حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ‌طَلَّقَ ‌امْرَأَتَهُ، ‌وَهِيَ ‌حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»

وهنا يبين النبي صلى الله عليه وسلم أحكام طلاق الحائض .

 

– روى الحميدي في مسنده :

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي ‌حُبَيْشٍ ‌كَانَتْ ‌تُسْتَحَاضُ فَسَأَلتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: «إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيضِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» أَوْ قَالَ «اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي»

دعي الصلاة – اغسلي عنك الدم وصلي ، لا شئ آخر .

– روى الدارمي في مسنده :

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: اسْتُحِيضَتْ ‌أُمُّ ‌حَبِيبَةَ ‌بِنْتُ ‌جَحْشٍ سَبْعَ سِنِينَ، وَهِيَ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَاشْتَكَتْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِحِيضَةٍ، إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ، فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي»قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ تُصَلِّي، قَالَتْ: وَكَانَتْ تَقْعُدُ فِي مِرْكَنٍ لِأُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حَتَّى إِنَّ حُمْرَةَ الدَّمِ لَتَعْلُو الْمَاءَ .

دعي الصلاة – اغسلي عنك الدم وصلي ، لا شئ آخر .

 

«سنن أبي داود» (1/ 111 ط مع عون المعبود):

274 – حَدَّثَنَا ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ ‌مَالِكٍ، عَنْ ‌نَافِعٍ ، عَنْ ‌سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ ‌أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لِتَنْظُرْ عِدَّةَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لِتُصَلِّ»

 

تترك الصلاة فقط ؟

هنا بيان الفرق بين أحكام الحيض وأحكام الاستحاضة في ثلاثة أحاديث مختلفة .

فأين ذكر الصوم ؟؟ ، لا يوجد ، فقط الصلاة .

فنبي الله صلى الله عليه وسلم كلم الحائض في الاستحاضة والصلاة والغسل والحج والعمرة والمباشرة والطعام والشراب إلا الصوم !

هذه النقاط الأربعة كلها تحتاج إلى مزيد تفكير ونظر بحيادية وانصاف ممن يقول بعدم صوم الحائض .

 

2 تعليقات

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *