الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
استمع للمقطع الصوتي
الشَّافِعِيُّ الْإِلَهُ الْمَعْبُودُ!
ذَكَرْتُ فِي بَعْضِ الْكَلِمَاتِ قِصَّةَ الشَّافِعِيِّ وَأَنَّهُ صَاحِبُ بَرَاءَةِ اخْتِرَاعِ الْإِجْمَاعِ كَمَصْدَرٍ لِلتَّشْرِيعِ مَعَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فَثَارَ عَلَيَّ عَبَدَةُ الْبَشَرِ مِنَ الدِّينِ السُّنِّيِّ وَقَامُوا لِلدِّفَاعِ عَنْ مَعْبُودِهِمُ الشَّافِعِيِّ!
وَأَنَا هُنَا لِأُبَيِّنَ تَنَاقُضَ عُقُولِ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينِ ضَحَايَا عِبَادَةِ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ.
يَقُولُ أَحَدُهُمْ:
مَنْ أَنْتَ وَمَنْ هُوَ سَلَفُكَ فِي إِنْكَارِ الْإِجْمَاعِ؟
وَأَنَا أَرُدُّ عَلَيْكَ بِنَفْسِ الْمَنْطِقِ، الشَّافِعِيُّ مَوْلُودٌ مِائَةً وَخَمْسُونَ مِنَ الْهِجْرَةِ، يَعْنِي نَبَتَ شَارِبُهُ وَلِحْيَتُهُ بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشْرَةَ سَنَةً مَثَلًا، وَتَفَقَّهَ وَتَصَدَّرَ يَعْنِي نَفْتَرِضُ أَنَّهُ اخْتَرَعَ الْإِجْمَاعَ سَنَةَ مِائَةٍ وَسَبْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَمَنْ سَلَفُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَوْلِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مَصْدَرٌ مِنْ مَصَادِرِ التَّشْرِيعِ مَعَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؟
أَلَسْتَ تَشْتَرِطُ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ يَقُولُ قَوْلًا فِي دِينِ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَلَفٌ فِي هَذَا الْقَوْلِ، رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ حَتَّى نَصِلَ إِلَى الْأَصْلِ الَّذِي يُفْتَرَضُ أَنْ يَكُونَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَنَا أَسْأَلُكَ نَفْسَ السُّؤَالِ: مَنْ هُوَ سَلَفُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْقَوْلِ؟ وَهَلْ سَتَرُدُّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ سَلَفٌ؟
يَقُولُ آخَرُ:
حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي أَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلَالَةٍ، هَذَا حَدِيثٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
وَأَنَا أَسْأَلُكَ: وَقَبْلَ الْأَلْبَانِيِّ؟ مَاذَا قَالَ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ صَحَّحُوهُ؟
وَأَسْأَلُكَ أَيْضًا: بِفَرْضِ أَنَّ الْحَدِيثَ حَسَنٌ أَوْ حُسَيْنٌ أَوْ حَتَّى عَلِيٌّ، فَهَلِ الصَّحَابِيُّ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مَصْدَرٌ ثَالِثٌ لِلتَّشْرِيعِ؟ هَلِ التَّابِعِيُّ الرَّاوِي عَنِ الصَّحَابِيِّ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مَصْدَرٌ ثَالِثٌ لِلتَّشْرِيعِ؟ وَهَكَذَا كُلَّمَا أَتَيْتَ بِطُرُقٍ لِلْحَدِيثِ زِدْتُكَ سُؤَالَانِ، وَاحِدٌ عَنِ الصَّحَابِيِّ وَوَاحِدٌ عَنِ التَّابِعِيِّ، وَكُلَّمَا زَادَتِ الطُّرُقُ يَثْبُتُ عِنْدَنَا قَطْعًا أَنَّ حَمَلَةَ الرِّوَايَاتِ الْمَزْعُومَةِ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْهَا مَا فَهِمَهُ الشَّافِعِيُّ أَوْ غَيْرُهُ!
الْآنَ أَسْأَلُكُمْ جَمِيعًا، كَيْفَ لَمْ يَعْرِفْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْدَرًا لِلتَّشْرِيعِ اسْمُهُ الْإِجْمَاعُ؟
كَيْفَ لَمْ يَفْهَمْ أَصْحَابُهُ مِنَ النُّصُوصِ وُجُودَ مَصْدَرٍ ثَالِثٍ لِلتَّشْرِيعِ اسْمُهُ الْإِجْمَاعُ؟
كَيْفَ لَمْ يَفْهَمِ الْمُسْلِمُونَ طِوَالَ قَرْنٍ وَنِصْفٍ مِنَ النُّصُوصِ وُجُودَ مَصْدَرِ تَشْرِيعٍ ثَالِثٍ اسْمُهُ الْإِجْمَاعُ؟
كَيْفَ جَهِلُوا مَصْدَرًا لِلتَّشْرِيعِ؟؟؟ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ وَعَمَّارٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَكُلُّ مَنْ تَعْرِفُ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ جَهِلُوا هَذَا؟
وَكَذَا التَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ،
حَتَّى جَاءَ الْمُنْقِذُ وَاكْتَشَفَ مَصْدَرَ التَّشْرِيعِ الثَّالِثَ بَعْدَ قَرْنٍ وَنِصْفٍ مِنْ وَفَاةِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
قَرْنٌ وَنِصْفٌ وَمَصْدَرٌ مِنْ مَصَادِرِ تَشْرِيعِ الْإِسْلَامِ غَائِبٌ مُخْتَفِي مُسَرْدَبٌ!
حَتَّى جَاءَ الشَّافِعِيُّ فَاسْتَخْرَجَهُ!
وَوَقْتِهَا لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِهِ وَلَا مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ قَبْلَهُ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ صَحِيحٌ؟
إِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ هِيَ عِبَادَةُ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ وَاتِّخَاذُهُمْ أَرْبَابًا فَمَا هِيَ؟
أَنْتَ جَاهِزٌ لِتَجْهِيلِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ كُلِّهِمْ مِنْ أَجْلِ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ تَكْذِبُ عَلَى النَّاسِ وَتَقُولُ أَنَّكَ تَفْهَمُ الْإِسْلَامَ بِفَهْمِ السَّلَفِ الصَّالِحِ الَّذِينَ هُمُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ.
كَفَى كَذِبًا، قُولُوا أَنَّكُمْ تَعْبُدُونَ الْبَشَرَ حَسَبَ أَهْوَائِكُمْ وَأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُكُمْ أَتَفَهَّمُ مَوْقِفَكُمْ، أَمَّا الْكَيْلُ بِمِكْيَالَيْنِ فَهُوَ سِمَةُ الْمُنَافِقِينَ.
{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } [آل عمران:8]
شاهد المقطع المرئي