لوازم القول بحجية قول وفعل الصحابي

لوازم تبين بطلان القول بحجية قول وفعل الصحابي

لوازم تبين بطلان القول بحجية قول وفعل الصحابي

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ

مَا زِلْنَا فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ أَنَّ قَوْلَ وَفِعْلَ الصَّحَابِيِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حُجَّةٌ وَأَنَّهُ قَوْلُ وَفِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّهُ لَمْ يَصِلْنَا مَرْفُوعًا.

بِقَبُولِ فِكْرَةِ أَنَّ بَعْضَ مَا جَاءَ فِي وَحْيِ اللهِ إِلَىٰ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْلُغْنَا مَرْفُوعًا عَنْ نَبِيِّ اللهِ، وَبَلَغَنَا مَوْقُوفًا مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَلِأَنَّ مُزَكُّونَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهَذِهِ التَّزْكِيَةُ مِنْ لَوَازِمِهَا عِنْدَ مُتَّبِعِي دِينِ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ وَفِعْلَهُ وَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرُهُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّهُ لَمْ يَصِلْنَا عَنْهُ لَكِنْ وَصَلَنَا مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ.

لِهَذَا الْقَبُولِ ثَلَاثَةُ لَوَازِمَ يَجِبُ أَنْ يَتَلَزَّمَ بِهَا مُتَّبِعُ دِينِ عِبَادَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرُدَّ وَاحِدًا مِنْهَا:

أَنَّ التَّابِعِينَ دَاخِلِينَ فِي عُمُومِ نُصُوصِ التَّزْكِيَةِ الَّتِي تَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَىٰ وُجُوبِ قَبُولِ قَوْلِ وَفِعْلِ الصَّحَابِيِّ غَيْرِ الْمَرْفُوعِ إِلَىٰ نَبِيِّ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمِثَالِ حَدِيثِ خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، هَذَا يَدْخُلُ فِيهِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ أَيْضًا، هُنَا يَجِبُ أَنْ تَطَّرِدَ مَعَنَا قَاعِدَةُ أَنَّ التَّابِعِينَ الْمُزَكَّيْنَ الْخَيِّرِينَ لَمْ يَكُونُوا لِيَقُولُوا إِلَّا بِعِلْمٍ سَمِعُوهُ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَوْنُهُمْ تَرَبُّوا عَلَىٰ يَدَيْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَنُصُوصُ الْوَحْيِ تَشْهَدُ لَهُمْ بِالْخَيْرِيَّةِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، فَيُمْكِنُ تَطْبِيقُ نَفْسِ الْقَاعِدَةِ عَلَيْهِمْ بِلَا شَكٍّ، فَيَكُونُ قَوْلُ التَّابِعِيِّ هُوَ كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ وَأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِهِ لِلصَّحَابِيِّ، وَبِهَذَا يَكُونُ قَوْلُ التَّابِعِيِّ حُجَّةً أَيْضًا فِي دِينِ اللهِ كَوْنُهُ مُتَلَقًّى عَنْ صَحَابِيٍّ وَالصَّحَابِيُّ يَتَلَقَّىٰ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

يَجِبُ نِسْبَةُ الاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَاتِّبَاعِهِمْ إِلَىٰ النَّبِيِّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَمَا قَدَّمْتُ لَكَ فَالتَّابِعِيُّ يَتَلَقَّىٰ مِنَ الصَّحَابِيِّ وَكِلَاهُمَا مُزَكًّى مَشْهُودٌ لَهُ، وَبِنَاءً عَلَىٰ قَوَاعِدِكُمْ فَهَذَا كُلُّهُ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَصْلِ، لَكِنْ لِسَبَبٍ مَجْهُولٍ لَمْ يُصَرِّحِ الصَّحَابِيُّ بِنِسْبَتِهِ إِلَىٰ نَبِيِّ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا صَرَّحَ التَّابِعِيُّ بِنِسْبَةِ قَوْلِهِ هُوَ إِلَىٰ الصَّحَابِيِّ، وَبِالتَّبَعِيَّةِ إِلَىٰ نَبِيِّ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَلَىٰ هَذَا فَكُلُّ الاخْتِلَافِ يَصُبُّ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ عِنْدَكَ مَنْ يَقُولُ الشَّيْءَ وَضِدَّهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ! لَكِنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ يُخْطِئُونَ؟؟؟ لَا وَأَلْفُ لَا، الاخْتِلَافُ مِنَ الْوَحْيِ وَلَيْسَ مِنْ أَقْوَالٍ وَآرَاءِ البَشَرِ.

هَذَا الْقَوْلُ البَاطِلُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ أَكْثَرَ مَا نَزَلَ بِهِ الْوَحْيُ عَلَىٰ نَبِيِّ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصِلْنَا عَلَىٰ لِسَانِهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلِ انْقَطَعَ عَنْهُ وَوَصَلَنَا مِنْ أَقْوَالِ وَأَفْعَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ! يَعْنِي عَلَىٰ لِسَانِ وَفِعْلِ بَشَرٍ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا مَعْصُومِينَ وَمُخْتَلِفِينَ فِي أَكْثَرِ أَقْوَالِهِمْ فَصَارَ اخْتِيَارُ بَعْضِهَا رَدٌّ لِلآخَرِ، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ كَمَا تَزْعُمُ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ تَرَكْتَ بَعْضًا مِمَّا جَاءَ بِهِ وَأَخَذْتَ بِبَعْضٍ، وَصَارَتْ لَنَا عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.

فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ هَذَا الْقَوْلَ فِي أَقْوَالِ التَّابِعِينَ وَأَخْرَجْتَ كَلَامَهُمْ عَنْ كَوْنِهِ كَلَامَ الصَّحَابَةِ لَكِنْ لَمْ يَصِلْنَا عَنْهُمْ، سَأَلْتُكَ مَا هُوَ الدَّلِيلُ عَلَىٰ قَوْلِكَ هَذَا؟ كَيْفَ يَقُولُونَ مِنْ فَهْمِهِمْ وَرَأْيِهِمْ مِنْ دُونِ نَقْلٍ؟ أَلَيْسَ اللهُ قَدْ زَكَّاهُمْ؟ أَلَيْسَ رَسُولُهُ قَدْ زَكَّاهُمْ؟

وَهُنَا كُلُّ رَدٍّ سَتَرُدُّ بِهِ عَلَىٰ فِي قَضِيَّةِ أَقْوَالِ التَّابِعِينَ هُوَ نَفْسُهُ الرَّدُّ الَّذِي يُبْطِلُ قَوْلَكَ فِي أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ.

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٨]

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *