كيف يفهم السلفية فهم السلف للوحي ؟

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  

في سِيَاقِ الرَّدِّ عَلَى أَصْحَابِ الدِّيَانَاتِ البَشَرِيَّةِ المُخْتَرَعَةِ، شَاهَدْتُ مَقْطَعًا لِأَحَدِ مَشَايِخِ آلِ الشَّيْخِ، يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَنْ تَرْجَمَةِ الزِّنْدِيقِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيُحَاوِلُ إِهْدَارَ كَلَامِ أَهْلِ الحَدِيثِ المُتَقَدِّمِينَ فِي أَبِي حَنِيفَةَ الشَّيْطَانِ، فَقَعَدَ قَاعِدَةً جَدِيدَةً تَهْدِمُ الدِّينَ السَّلَفِيَّ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، اسْتَمِعْ إِلَيْهِ ثُمَّ إِلَى التَّعْلِيقِ.

بُنِيَ الدِّينُ السَّلَفِيُّ عَلَى فِكْرَةِ التَّمَسُّكِ بِفَهْمِ السَّلَفِ الَّذِي عَبَّرُوا عَنْهُ بِأَقْوَالِهِمْ، وَتَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ هَذَا الدِّينِ بِمَبْدَأِ أَنَّ القُرُونَ الأُولَى أَقْرَبُ لِلْفَهْمِ الصَّحِيحِ لِلدِّينِ، وَبِنَاءً عَلَى هَذِهِ الفِكْرَةِ نَشَأَ الدِّينُ السَّلَفِيُّ.

أُرِيدُ أَنْ أَضْرِبَ لَكَ مِثَالًا وَاقِعِيًّا أَوَّلًا لِيُقَرِّبَ لَكَ الصُّورَةَ، خُذْ نِظَامَ تَشْغِيلِ الوِينْدُوزِ كَمِثَالٍ، يُوجَدُ مِنْهُ كَمَا أَذْكُرُ الإِصْدَارُ 3 ثُمَّ الإِصْدَارُ وِينْدُوزُ 95 ثُمَّ الإِصْدَارُ وِينْدُوزُ 98 ثُمَّ الإِصْدَارُ وِينْدُوزُ مِيلِينْيُومَ، ثُمَّ الإِصْدَارَاتُ وِينْدُوزُ إِكْسْ ثُمَّ الإِصْدَارُ وِينْدُوزُ فِيسْتَا ثُمَّ الإِصْدَارُ وِينْدُوزُ 7 ثُمَّ 8 ثُمَّ 10 ثُمَّ حَادِيَ عَشَرَ.

إِنْ كُنْتَ قَدْ مَرَرْتَ عَلَى هَذِهِ الإِصْدَارَاتِ فَأَنْتَ يَقِينًا لَاحَظْتَ بَعْضَ التَّحْسِينَاتِ فِي النِّظَامِ، تَطَوُّرٌ فِي الأَدَاءِ، زِيَادَةٌ فِي القُدُرَاتِ، كُلُّ شَيْءٍ تَغَيَّرَ تَقْرِيبًا إِلَّا بَعْضَ الثَّوَابِتِ الأَسَاسِيَّةِ.

وَلِأَبْنَاءِ الأَجْيَالِ الجَدِيدَةِ فَإِنَّكَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَفْهَمَ المِثَالَ قِيَاسًا عَلَى إِصْدَارَاتِ أَيِّ أَوْ إِسْ وَأَنْدُرُوِيدٍ.

هَذَا المَفْهُومُ يَقُودُنَا إِلَى وُجُودِ قُصُورٍ فِي الإِصْدَارَاتِ الأُولَى يَتِمُّ تَحْسِينُهُ وَإِصْلَاحُهُ وَتَدَارُكُهُ فِي الإِصْدَارَاتِ التَّالِيَةِ.

هَذَا المَفْهُومُ مُنَافٍ وَمُعَاكِسٌ لِفِكْرَةِ السَّلَفِيَّةِ تَمَامًا الَّتِي تَزْعُمُ وَتُؤَكِّدُ أَنَّ الإِصْدَارَاتِ الأُولَى أَكْمَلُ وَأَصْلَحُ وَأَحْسَنُ مِنَ الإِصْدَارَاتِ المُتَأَخِّرَةِ.

وَهُنَا يَحْصُلُ التَّنَاقُضُ عِنْدَمَا نَتَطَرَّقُ إِلَى المَوَاضِيعِ الهَامَّةِ كَمِثَالٍ: هَلْ أَصْحَابُ الرَّأْيِ مُسْلِمُونَ؟ هَلْ تَشْرِيعُ الدِّينِ لِلنَّاسِ بِالرَّأْيِ أَمْرٌ عَادِيٌّ؟ خَاصَّةً عِنْدَمَا يَتَّفِقُ جَمِيعُ العُلَمَاءِ مِنَ المُحَدِّثِينَ بِالطَّعْنِ فِي هَؤُلَاءِ الشَّيَاطِينِ وَإِمَامِهِمْ وَاتِّهَامِهِ بِوَضْعِ الحَدِيثِ وَالكَذِبِ فِيهِ وَرَدِّ السُّنَنِ بِرَأْيِهِ وَالإِرْجَاءِ، هَذَا هُوَ الإِصْدَارُ الأَوَّلُ: أَقْوَالُ ذَمٍّ وَطَعْنٍ فَقَطْ وَلَا يُوجَدُ أَقْوَالُ مَدْحٍ وَلَا ثَنَاءٍ.

فِي القَرْنِ الخَامِسِ وَبَعْدَ ازْدِيَادِ فَسَادِ الدِّينِ وَزِيَادَةِ نُفُوذِ مُعْتَنِقِي المَذَاهِبِ فِي العِلْمِ وَالقَضَاءِ ظَهَرَتْ أَقْوَالٌ لِمَدْحِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ مَنْسُوبَةٌ لِأَهْلِ الإِصْدَارِ الأَوَّلِ عَلَى يَدِ الخَطِيبِ البَغْدَادِيِّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ، وَهَذَا هُوَ الإِصْدَارُ الثَّانِي.

الآنَ مَعَ ظُهُورِ الإِصْدَارِ الثَّانِي حَصَلَ خَلَلٌ فِي النِّظَامِ، فَالنِّظَامُ يَحْمِلُ تَنَاقُضًا وَاضِحًا، أَشْخَاصٌ فِي الإِصْدَارِ الأَوَّلِ يَقُولُونَ: هَذَا الرَّجُلُ مُرْجِئٌ يَضَعُ الحَدِيثَ وَكَذَّابٌ وَيَرُدُّ السُّنَّةَ بِرَأْيِهِ، وَفِي الإِصْدَارِ الثَّانِي نَفْسُ هَؤُلَاءِ النَّاسِ يُثْنُونَ عَلَيْهِ وَعَلَى فِقْهِهِ الَّذِي هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّأْيِ الَّذِي ذَمُّوهُ فِي الإِصْدَارِ الأَوَّلِ، هُنَا صَارَ يُوجَدُ تَهْنِيجٌ فِي النِّظَامِ فَصَارَ وَلَا بُدَّ مِنَ الإِصْدَارِ الثَّالِثِ الَّذِي يُوَفِّقُ بَيْنَ هَذِهِ الأَقْوَالِ وَيُزِيلُ عَنْهَا التَّنَاقُضَ، وَهَذَا اسْتَقَرَّ فِي القَرْنِ السَّابِعِ عَلَى يَدِ الحَرَّانِيِّ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّهِيرِ بِابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَصَارَ الإِصْدَارُ الثَّالِثُ يَقُولُ: هُوَ مُرْجِئٌ لَكِنْ إِرْجَاءُ فُقَهَاءَ، وَهُوَ يَرُدُّ السُّنَنَ بِحُجَجٍ سَائِغَةٍ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ بِالرَّأْيِ فِي دِينِ اللَّهِ لِنُدْرَةِ الحَدِيثِ بِالكُوفَةِ وَلِأَنَّهُ كَسُولٌ لَمْ يَرْحَلْ فِي طَلَبِ الحَدِيثِ وَلَا سَمِعَ مِنْ مُحَدِّثِي الكُوفَةِ وَفَضَّلَ أَنْ يُفْتِيَ بِالرَّأْيِ، فَهُوَ إِمَامٌ مَعْذُورٌ مَأْجُورٌ، وَبَعْضُ هَذِهِ الأَقْوَالِ فِيهَا تَحَامُلٌ عَلَيْهِ بِسَبَبِ العَدَاءِ بَيْنَ أَهْلِ الحَدِيثِ وَأَهْلِ الرَّأْيِ.

الآنَ اسْتَقَرَّ النِّظَامُ، وَصَارَ الجَمِيعُ عَلَى هَذَا بَعْدَ إِجْرَاءِ بَعْضِ التَّحْسِينَاتِ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الإِصْدَارُ الرَّابِعُ.

وَلِكَيْ تَتَقَبَّلَ هَذَا، وَتُهْدِرَ أَقْوَالَ أَئِمَّةِ الحَدِيثِ المُتَقَدِّمِينَ يُخْبِرُكَ آلُ الشَّيْخِ بِمُفَاجَأَةٍ، هَذِهِ المُفَاجَأَةُ هِيَ أَنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ فَهْمَ كَلَامِ السَّلَفِ، يَعْنِي أَنْتَ أَوَّلًا لَنْ تَسْتَطِيعَ أَنْ تَفْهَمَ الإِسْلَامَ إِلَّا بِفَهْمِ السَّلَفِ، جَيِّدٌ، طَيِّبٌ هَيَّا نَدْرُسْ أَقْوَالَ السَّلَفِ لِنَفْهَمَ الإِسْلَامَ، سَيَقُولُ لَكَ آلُ الشَّيْخِ: انْتَظِرْ، تَوَقَّفْ، هَلْ تَظُنُّ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ فَهْمَ كَلَامِ السَّلَفِ وَحْدَكَ؟ لَا بُدَّ لَكَ أَنْ تَفْهَمَ كَلَامَ السَّلَفِ عَنْ طَرِيقِ تَقْعِيدَاتِ الخَلَفِ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَفْهَمَ قَوْلَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ أَنَّهُ أَدْخَلَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنُصْرَةِ مَذْهَبِهِ فِي الإِرْجَاءِ وَفَهِمْتَهُ أَنْتَ بِنَفْسِكَ فَسَتَفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ أَبَا حَنِيفَةَ يَتَلَاعَبُ بِأَلْفَاظِ مُتُونِ الحَدِيثِ لِنُصْرَةِ مَذْهَبِهِ فِي الإِرْجَاءِ، لِهَذَا لَا يَنْصَحُ آلُ الشَّيْخِ أَنْ تَفْهَمَ بِنَفْسِكَ وَتُصَدِّقَ مُسْلِمًا، بَلِ اذْهَبْ إِلَى رَفْعِ المَلَامِ لِلشَّيْطَانِ الحَرَّانِيِّ وَسَيُخْبِرُكَ أَنَّ التَّلَاعُبَ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُوجِبُ اللَّوْمَ عَلَى الشَّيْطَانِ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ مَأْجُورٌ بِكُلِّ حَالٍ.

جَيِّدٌ، هَلْ يُمْكِنُنِي كَمُسْلِمٍ أَنْ أَقْرَأَ كُتُبَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مَثَلًا مُبَاشَرَةً لِأَفْهَمَ الإِسْلَامَ؟ حَيْثُ إِنَّهُ الإِسْلَامَ لَا يُمْكِنُ فَهْمُهُ إِلَّا بِفَهْمِ السَّلَفِ، وَفَهْمُ السَّلَفِ لَا يُمْكِنُ فَهْمُهُ إِلَّا بِفَهْمِ الخَلَفِ، فَهَلْ فَهْمُ فَهْمِ الخَلَفِ سَهْلٌ يَسِيرٌ لِلنَّاسِ حَتَّى إِذَا مَا قَرَأُوهُ فَهِمُوا الإِسْلَامَ مُبَاشَرَةً؟

الإِجَابَةُ كَمَا هُوَ الوَاقِعُ حَوْلَنَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُكَ لِلْأَسَفِ أَنْ تَفْهَمَ كَلَامَ الحَرَّانِيِّ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَحْدَكَ وَبِنَفْسِكَ، فَفَهْمُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ لِفَهْمِ السَّلَفِ لَا يُمْكِنُ فَهْمُهُ مُبَاشَرَةً مِنْ أَقْوَالِهِ، وَالنَّتِيجَةُ الحَتْمِيَّةُ أَنَّ المُسْلِمَ يَحْتَاجُ طَبَقَةً أُخْرَى مُتَأَخِّرَةً عَنِ الحَرَّانِيِّ تَفْهَمُ فَهْمَ الحَرَّانِيِّ لِفَهْمِ السَّلَفِ ثُمَّ تُوصِلُهُ لَكَ بِطَرِيقَةٍ تَسْتَطِيعُ فَهْمَهَا.

هَذَا التَّنَاقُضُ الكَبِيرُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كُلَّمَا بَعُدَ العَهْدُ عَنْ زَمَنِ الوَحْيِ يَكُونُ الدِّينُ أَفْضَلَ وَالعِلْمُ أَكْثَرَ، وَهَذَا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ خِلَافَ النَّقْلِ، فَهُوَ خِلَافُ أَصْلِ الدِّينِ السَّلَفِيِّ الأَصِيلِ وَالَّذِي قَامَ عَلَيْهِ.

فَقَوْلُ السَّلَفِ غَيْرُ مَفْهُومٍ إِلَّا بِشَرْحِ بَعْضِ الخَلَفِ، إِذَنْ مَا قِيمَةُ قَوْلِ السَّلَفِ فِي بَيَانِ الدِّينِ كَمَا يَزْعُمُونَ إِنْ كَانَ يَحْتَاجُ شَرْحًا وَتَرْتِيبًا وَتَقْعِيدًا وَجَمْعًا بَيْنَ الأَقْوَالِ؟

فَالْأَوْلَى بِالسَّلَفِيَّةِ أَنْ تَتَسَمَّى بِالخَلَفِيَّةِ، فَهُمْ يَفْهَمُونَ الدِّينَ بِفَهْمِ الشَّيْخِ المُعَاصِرِ الَّذِي تَجْلِسُ أَمَامَهُ أَوْ تَسْتَمِعُ إِلَيْهِ.

11 تعليقات

  1. Interesting analysis! Handicapping requires understanding pace and potential upsets. Seeing platforms like 68wim games offer quick registration is a plus for busy bettors – less hassle, more focus on the races! Good read.

  2. Interesting analysis! Seeing platforms like phlboss link prioritize tech – AI recommendations & fast processing – is a game-changer for Filipino players. Security via biometrics is smart too! It’s about enhancing the experience, not just the games.

  3. That pre-flop aggression is key, but reading opponents post-flop is where the real edge is. Convenient mobile access, like with 13wim com, lets you practice reads anywhere! Quick registration is a huge plus for busy players.

  4. That analysis was spot on! Seeing platforms like JL Boss 2025 really elevate the Philippine gaming scene with features like easy GCash integration. Check out the jlboss link for a next-level experience – the slots look 🔥! Definitely a game changer.

  5. Strategic thinking really elevates a game, doesn’t it? It’s cool to see platforms like ph987 focusing on that “psychological contest” aspect. If anyone’s looking to join, check out the ph987 app download apk – secure onboarding is key! Solid article, thanks for sharing.

  6. That jungle theme on ss777 casino is seriously fun! Easy deposits with GCash & PayMaya are a huge plus. Been exploring slots – so many choices, feels like a real adventure! Definitely worth checking out for a relaxed gaming session. ✨

  7. Interesting analysis! Seeing patterns in numbers is key, and platforms like spintime legit are starting to offer tools to help with that – data-driven gaming is the future, right? It’s cool to see probability getting more attention!

  8. That’s a solid point about strategic game selection – crucial for any competitive edge! Thinking about bankroll management, platforms like panaloko club seem to offer convenient peso transactions & tools for serious players. Definitely a good ecosystem!

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *