كيف نفرق بين أحكام الدين وأمور الدنيا ؟

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  

في إطارِ الرّدِّ على جهالاتِ المخالفينَ من أصحابِ الدياناتِ البشريّةِ، شَاهَدْتُ مَقْطَعًا عَلَى يوتيوب لِلشَّيْخِ مُصْطَفَى الْعَدَوِيِّ يَسْأَلُهُ مُسْتَفْتٍ سُؤَالًا وَيُجِيبُ عَلَيْهِ، اسْتَمِعْ لِلسُّؤَالِ وَالْإِجَابَةِ ثُمَّ إِلَى التَّعْلِيقِ

فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقِي الْيَوْمَ لَيْسَ عَلَى جَوَابِ الشَّيْخِ مُصْطَفَى الْعَدَوِيِّ، بَلْ عَلَى سُؤَالِ السَّائِلِ، كَمَا سَمِعْتُمْ فَالسَّائِلُ يَسْأَلُ عَنْ حُكْمِ تَعْلِيقِ زِينَةٍ وَفَانُوسِ رَمَضَانَ، يَعْنِي يُرِيدُ حُكْمًا مِنَ الشَّرْعِ فِي تَعْلِيقِ الزِّينَةِ وَالْفَانُوسِ! هَلِ اسْتَوْعَبْتَ الْإِشْكَالَ؟ هَلِ اسْتَوْعَبْتَ لِمَاذَا حَصَلَ هَذَا الْإِشْكَالُ؟ السَّائِلُ يَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَمْ تَرِدْ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَيُرِيدُ لَهَا حُكْمًا

دَعْنِي أُوَضِّحُ لَكَ، لَوْ سَأَلَ سَائِلٌ عَنْ سُؤَالٍ فِي زِينَةِ الْمَرْأَةِ، مَهْمَا كَانَ هَذَا السُّؤَالُ فَهُوَ مَنْطِقِيٌّ مَقْبُولٌ، لِمَاذَا؟ لِأَنَّ الْوَحْيَ تَكَلَّمَ فِي زِينَةِ الْمَرْأَةِ وَجَعَلَ لَهَا أَحْكَامًا، فَإِنِ اسْتَغْلَقَ شَيْءٌ فِي هَذَا الْبَابِ نَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى نَعْرِفَ الْحَقَّ

لَكِنْ زِينَةُ وَفَانُوسُ رَمَضَانَ؟ مَا عَلَاقَتُهَا بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ؟ لِمَاذَا تُرِيدُ لَهَا حُكْمًا وَتَسْأَلُ عَنْهُ؟ تَحْتَ أَيِّ بَابٍ مِنَ الْأَبْوَابِ؟

هُنَا وَاحِدٌ مِنْ مَوَاطِنِ الْخَلَلِ فِي الدِّينِ الْبَشَرِيِّ الَّذِي تَلَقَّتْهُ النَّاسُ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ، فِكْرَةُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمٌ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ بِخُصُوصِهِ فِي الْوَحْيِ، وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَا يُسَمَّى الْمَسَائِلَ الْمُسْتَحْدَثَةَ، يَعْنِي كُلُّ شَيْءٍ جَدِيدٍ يَجِبُ أَنْ يَمُرَّ عَلَى الْفُقَهَاءِ فَيَجْلِسُونَ يُفَكِّرُونَ هَذَا حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ؟ ثُمَّ يُشَرِّعُونَ الدِّينَ لِلنَّاسِ بِرَأْيِهِمْ، اسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليهِ وسَلمَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ.

هُنَا يَخْتَصِرُ لَكَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضُوعَ الدِّينِ كُلَّهُ:

ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ

مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا

وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ

مَا هَذَا الْوُضُوحُ وَالْإِحْكَامُ؟

فَهَلْ عَلِمَ الْمُتَفَقِّهَةُ النَّاسَ أَنْ يَسْكُتُوا عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْوَحْيُ؟

أَمْ فَتَحُوا أَبْوَابَ السُّؤَالِ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ يَفْتَرِضُ مَسَائِلَ وَيُجِيبُ عَلَيْهَا!

يَقُولُ لَكَ لَوْ غَرِقَتْ سَفِينَةٌ وَخَرَجَ مِنْهَا قَوْمٌ عُرَاةٌ رِجَالًا وَنِسَاءً كَيْفَ يُصَلُّونَ؟ ثُمَّ يُشَرِّعُ لَهُمْ بِهَوَاهُ وَالْمَسْأَلَةُ لَمْ تَحْصُلْ أَصْلًا

وَإِذَا مَاتَتِ امْرَأَةٌ بَيْنَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِمْ نِسَاءٌ كَيْفَ يَغْسِلُونَهَا؟ ثُمَّ يُجِيبُ عَلَى نَفْسِهِ كَالْمَجْنُونِ!

لَوْ الْتَزَمَ النَّاسُ بِحَدِيثِ نَبِيِّ اللَّهِ هَذَا لَزَالَ أَكْثَرُ الْخِلَافِ وَلَزَالَ مَعَهُ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَقِّهَةُ الْمُتَطَفِّلَةُ

طَيِّبْ مَا عَاقِبَةُ عَدَمِ السُّكُوتِ وَفَتْحِ الْمَسَائِلِ وَافْتِرَاضِهَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

عَاقِبَتُهَا الْهَلَاكُ كَمَا هَلَكَتِ الْأُمَمُ السَّابِقَةُ فِي دِينِهَا وَضَلَّتْ

هَلْ بَلَغَكَ حَدِيثُ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

هَلْ سَتَقُولُ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا أَمْ سَتَقُولُ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟

الِاخْتِيَارُ لَكَ، وَالْحِسَابُ عَلَيْكَ

الدِّينُ هُوَ مَا جَاءَ فِي الْوَحْيِ حَصْرًا، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِي الْوَحْيِ هُوَ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، لَا تَسْأَلْ عَنْهُ، تَصَرَّفْ فِيهِ كَمَا تُحِبُّ

{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } [آل عمران:8]

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *