قواعد الأصوليين والفقهاء وتحريف الإسلام : الإعمال خير من الإهمال

 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ 


بعد الكمال يحدث دائماً النقص ، وبعد العلو يحدث دائماً الوضع ، وهذه سنة كونية في كل شئ تقريباً .


فالزيادة على الكمال نقص لأن الكمال حصل فعلاً فإن زدتَ عليه فقد عِبتَ كماله .


وهذا ما حصل في رسالة الإسلام التى نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم بالضبط ، فبعد أن اكتملت زيد على كمالها واختلط الحابل بالنابل وصار الذين وحياً وبشرياً مختلطْ .



هيا نأخذ مثالاً لما حصل :

بعد الأمر الأول ظهر ناس اسمهم ( الفقهاء ) وهم كما يظهر من اسمهم يبدو عليهم الذكاء والفهم وتلاهم طائفة هي أشد منهم وهم ( الأصوليون ) ، بعد الكمال ظهر هؤلاء ليضيقوا لمساتهم على الدين ويكملوا الناقص من عمل الشيطان الرچيم لم أقسم أن يُضِل بنى آدم عن الصراط المستقيم ويغوينهم أجمعين ! هؤلاء الناس الأذكياء شرعوا في وضع ( قواعد ) ساهمت في تغيير الأمر الأول واقترب من الاندثار !


دعنى أضرب لك مثالاً حياً :

قاعدة : الإعمال خيرٌ من الإهمال 


ما هو معنى هذه القاعدة ؟

هذه القاعدة معناها أن إعمال كل النصوص الموجودة خير من إهمال بعضها وتركه خارج المعادلة !

كيف نشأت هذه القاعدة ؟

نشأت هذه القاعدة بناء على فكرة أن أخبار الآحاد هي ظنية الثبوت ولا تفيد الجزم بذاتها في نفس الأمر وبالتالى فالصحيح منها ظنى الثبوت ربما لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم ، والضعيف منها ربما قاله !


وبناء عليه ، فمن باب الاحتياط تشغيل جميع النصوص أفضل من ترك بعضها بسبب أنه لم يثبت إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فالصحيح أصلاً مشكوك فيه لأنه آحاد !


فإن سألت عن القاعدة الأولى ( الإعمال خير من الإهمال ) ما هو الدليل عليها من الكتاب أو السنة ؟ لم تجد رداً ، فهو مجرد رأي محض .


فإن انتقلت إلى أصلها الذي هو تقسيم الخبر إلى متواتر وآحاد وسألت عن الدليل الذي يفصل بينهما من كتاب أو سنة ، لم تجد رداً أيضاً .


لنأخذ تطبيقاً عملياً على هذا الهراء البشري المخترع :

مسألة عورة الرجل :


عن ابن جرهد، عن أبيه؛ 

«أن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم مر برجل، وهو كاشف عن فخذه، فقال النبي صَلى الله عَليه وسَلم: غط فخذك، فإنها من العورة» 


هذا حديث لا يصح ولا يثبت من وجه صحيح ، لكنه موجود وإعماله على قاعدتهم خيرْ من إهماله !

إذن وبناء على هذا فالفخذ عورة يجب تغطيتها وعدم كشفها .


فإذا انتقلنا إلى صحيح البخاري سنجد خلاف هذا في ثلاثة مواضع :


الاول :

عن عبد العزيز بن صُهَيب، عن أَنس؛ 

«أن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم غزا خيبر، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وركب أَبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله صَلى الله عَليه وسَلم في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صَلى الله عَليه وسَلم وانحسر الإزار عن فخذ نبي الله صَلى الله عَليه وسَلم فإني لأرى بياض فخذ نبي  الله صَلى الله عَليه وسَلم فلما دخل القرية قال: الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين .


الثاني :

َنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى عَلَيْهِ : ( لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ). قَالَ : فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ } .


الثالث :

أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ – أَوْ سَاقَيْهِ – فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ – قَالَ مُحَمَّدٌ : وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ – فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ، وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ، وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ، وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ ؟ فَقَالَ : ” أَلَا أَسْتَحْيِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ “.


فهذه ثلاثة أحاديث ، متفق على اثنين منهما ، والثالث رواه مسلم بإسناد صحيح ، وكلها تقول أن الفخذ يمكن كشفه وأن الفخذ يمكن أن يلامس الفخذ .


ماذا سيقول الفقهاء ؟ هل سيستمعون القول فيتبعون أحسنه  وأصحه كما أمر الله سبحانه ؟


لا ، سيطبقون القاعدة المخترعة التى لم تأت في كتاب ولا سنة ، ويستعملون كل النصوص ويصرون أن الفخذ عورة ، وستتطور المناقشات بينهم ليختلفوا هل الركبة داخلة في العورة أو لا تدخل !


الحقيقة أن ما حدث هو إهمال للصحيح وإعمال للضعيف غير الثابت ولا الصحيح !


فإن ذهبت تبحث في المذاهب والأقوال  ستجد :

قال ابن حجر : ” ومما احتجوا به – أي القائلون : بأن الفخذ ليس بعورة – قول أنس رضي الله عنه في هذا الحديث : ( وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه و سلم ) إذ ظاهره أن المس كان بدون الحائل ، ومس العورة بدون حائل لا يجوز ، وعلى رواية مسلم ومن تابعه في أن الإزار لم ينكشف بقصد منه صلى الله عليه وسلم ، يمكن الاستدلال على أن الفخذ ليست بعورة من جهة استمراره على ذلك ؛ لأنه وإن جاز وقوعه من غير قصد ، لكن لو كانت عورة لم يُقر على ذلك ؛ لمكان عصمته صلى الله عليه و سلم ” انتهى من ” فتح الباري ” ( 1 / 481 ) – ترقيم الشاملة – .


وهكذا أثرت هذه القاعدة الفاسدة المخترعة على شريعة الله وغيرتها وفرقت الأمه وجعلتها شيعاً .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *