عَمَىَ المربع الأخير

 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

 

كلنا يعيش حملة الغرب والعلمانيين على دين الإسلام خاصة وبالتحديد ، كلنا يسمع الطعن في أحكام الإسلام ملة وشرعة ومنهاجاً ، كلنا نريد الدفاع وبيان الحق الذي جاء به الوحي ، وتوصيل الحق إلى جميع الخلق ، صحيح ؟

 

دعنى أقف معك قليلاً هنا ، في نفس المربع الذي تقف فيه أنت ، مدافعاً عن هذا الدين محاولاً بيان صحيح أحكامه للناس جميعاً .

 

أقف معك محاصراً في نفس المربع الأخير على الرقعة ، نعم نحن محاصرون في مربع واحد .

 

جميع المربعات من حولنا مكتظة بالطاعنين في هذا الدين من جميع الملل والنحل ، ونحن قلة ضعفاء ناقمون على جزء كبير من التراث الذي قيل بالرأي ونحاول إفهام من يحاصروننا أن هذه الذي قيل بالرأي أو بدليل غير صحيح لا يصح أن يُحسب على الإسلام وأن الوحي منه برئ .

 

لكنهم لا يقتنعون ولا يستسلمون ولا يقبلون إيضاحنا لهم !!

 

في هذه الأجواء يصيبنا العمى أحياناً فنجنح إلى شبههم بغير قصد ولا نية ، بل محاولين ( التوفيق ) وبيان براءة الإسلام من كل ما يستنكره هؤلاء ( الأعداء ) ، خاصة وأن الكثير من اعتراضاتهم تبدو ( عقلانية ) .

 

عند هذه النقطة أخى إن كنت تجادل الناس بهذا الغرض كما ذكرت لك فأنصحك أن تتوقف ، وأن تهتم بنفسك أنت ، فأنت توشك أن تصير منهم تتكلم بلسانهم وتردد شبههم وتنتصر لأقوالهم !

 

لماذا هذه المقدمة الطويلة ؟

 

نحن نسير على خيط رفيع ، إن لم نكن حذرين فالسقوط هو المحتوم ، ومع الضغوط من كل العالم حولنا ننحرف عن الصواب ونحن نظن أننا نتبع الحق وندافع عنه !

 



مثال :

زواج أم المؤمنين عائشة في سن التاسعة من عمرها ، هذه تحرجك وتجعلك تشعر بالخجل ، كيف لرجل في العقد الخامس أن يتزوج طفلة في التاسعة ؟ هل ترى أطفال المدارس الابتدائية صباحا ؟ وهم يحملون حقائب الظهر ويذهبون إلى مدارسهم ؟ هل تتصور أن تتزوج طفلة كهذه ؟؟

 

هنا تتبلل عرقاَ ، وتذهب تبحث في إسناد الحديث وأنت مستنكر له أصلاَ ، ثم تجد النتيجة المرجوة ، فالحديث من رواية الكوفيين عن هشام بن عروة ، الحمد لله ، هذه علة سأضعف بها الحديث .

 

لكن لو تدبرت وفكرت ستجد أن هذا الذي نفيته بتضعيفك للإسناد أمر واقع حتى يومنا هذا في كل العالم ، فالبرازيل كمثال بها في مدينة واحدة 250 ألف أم دون الخامسة عشرة من العمر ، منهم من لديه أكثر من طفل !

 

بل وجميع دول العالم ( المتحضر ) تسمح بممارسة الجنس من سن البلوغ للفتاة ، على اختلافهم في تحديده من التاسعة حتى الثالثة عشرة !

 

بل ويوجد ملايين الأمهات اليوم أحياءالفرق بينهم وبين ابنهم الأكبر عشرة سنوات فقط !

 

فلو سلمنا لك تضعيف هذا الحديث ماذا ستقول ويقول هؤلاء في هذه الأحداث الحية ؟

كيف سنضعفها ؟ كيف سنلغيها ؟؟

 

اقرأ : أمهات أطفال 

 

الحاصل أنك بدون أن تدرى تأثرت فكرياَ تحت تأثير الضغط والحصار ، فعميت عن رؤية حقيقة حية لا يمكن انكارها .

 

الأصل أن المسلم يتجنب التعرض لمن يخوضون في دين الله ، فكيف إن كان مازال غضاَ طرياَ لا يميز مسلماَ من مشرك ؟

 

قال سبحانه :

{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ ‌يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)} [الأنعام]

 

فقبل أن تتعرض لشبهات الأعداء تيقن أنك نفسك ميزت الإسلام ملة وشرعة ومنهاج .

 

بعد أن تنتهى من حديث عائشة ، لن يتوقفوا ، لكن يقولوا الإسلام جيد ، بل سيواصلون الضغط عليك ، هل ترى حد الردة منطقياً ؟

هل تعلم أن هذه أحاديث آحاد ؟ 

هل تعلم أنها تعارض القرآن ؟

 

وعندما تنتهي من أحاديث المرتد وأياته سيستمرون في الضغط عليك ، هل المسيحي واليهودي كفار أم مسلمين ؟

 

هل تارك الصلاة كافر كما عند الدواعش ؟

هل هل هل هل ؟

 

وأنت تضعف وتتجاهل الأدلة حتى يصير شكل الإسلام جميلاَ عند الكافرين به !

 

لقد أصابك العمى ، لأنك جنحت إلى الدفاع كأنك مذنب متهم ! حتى حشروك في المربع الأخير فلم تعد ترى جيداً وأصابك العمى .

 

رَبَّنَا ‌لَا ‌تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ [آل عمران: 8]          

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *