الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
لا شك أن كل دارس لملل أهل الشرك والكفر قد رأى بوضوح قاسماً مشتركا بين هذه الملل جميعها .
عندما تدرك هذا القاسم المشترك فإنك تستطيع وبكل سهولة إبطال أي ملة من هذه الملل ، ومناظرة أهلها حتى لو لم تكن درست ملتهم من قبل .
هذا القاسم المشترك هو دخول العنصر البشري ، الرأي البشري ، القول البشري ، الفهم البشري ، في الدين كدين .
هذا هو القاسم المشترك بينهم ، اتخاذ البشر أرباباً من دون الله سبحانه .
حتى في داخل الملة الواحدة تجد هذا الخلاف ، مثلاً في الملة السلفية مسألة الصفات التي يصارعون عليها جميع الملل مع أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمرها كما جاءت ، ولم يسأله صحبه عن معنى أو المقصود من أي منها ، تجدهم فرقاً في صفة الوجه مثلاً ، فهذا يقول وجه الله يعني حججه على خلقه ، وذاك يقول : ثواب الله ، وثالث يقول : هو ملك الله ورابع يقول هو الوجه على الحقيقة !
وكلهم لا برهان عنده من كتاب ولا سنة صحيحة !
فعندما دخل العنصر البشري في تفسير ( وجه الله ) و ( إلا وجهه ) صرنا نختار من أربعة أقوال ، وهذه الأقوال قالها السلف فهي دين !
وهكذا في كل ملة من الملل غير الإسلام ، يدخل البشر فينشؤون ديناً جديداً مبنى على أقوالهم وأفهامهم وفي الأصل قد سكت عنها من جاء ليبين للناس !
ففى كل ملة من هذه الملل رجلّ أو رجال لا يسألهم أحد من أين جئتم بأقوالكم ؟ أو من سلفكم في هذا القول ؟ ولا يخضعون أبداً لشرط أن يكون القول قد قاله قبلك شخص عن شخص ولو طبقوا هذا لارتاح الجميع فهذا هو الإسناد !
فعند السلفية يوجد الصحابي والتابعى وتابع التابعى والأئمة ( المتبوعين ) ، هؤلاء لا يسألهم أحد من سلفك ؟ ولا من قال بهذا القول قبلك وسبقك إليه ؟
وعند الشيعة يوجد آل البيت وذريتهم والمعممون ، لا يسألهم أحد من أين جئتم بهذا القول .
وعند الصوفية يوجد الأقطاب ثم الأولياء ، والأقطاب مشتركون في إصدار القرارات العليا ! فطبيعي لا يتم سوالهم ، ومن بعدهم الأولياء تحدثهم قلوبهم عن الله ، فعن أي دليل تسأل ؟
ففي كل هذه الأديان البشرية يوجد بشري صار قوله ورأيه وفهمه دين للناس يتعبدون لله به ! وهذا هو القاسم المشترك بين ملل الشرك جميعها .
وقد قال تعالى في كتابه :
ﵟمَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ 103 ﵞ [المائدة: 103]
يعنى هذا الذي جعلتموه ديناَ تعبدوننا به ليس من عندنا ، بل هو من اختراعكم ونسبتموه إلينا كذباَ .
«صحيح البخاري» (4/ 184):
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ.»
فهذا نموذج واضح على الأديان البشرية المخترعة والتى يخترعها البشر ثم تنسب إلى الإسلام ويتخذها المخدوعون ديناً لأنها أقوال وأراء وأفهام كبرائهم .