الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
جَرِيمَةُ القِيَاسِ
الأستماع للمقطع الصوتي
بِالتَّأْكِيدِ تُكَرِّرُ كَمَا حَفَّظُوكَ أَنَّ مَصَادِرَ التَّشْرِيعِ هِيَ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِجْمَاعُ وَالقِيَاسُ، هَلْ سَأَلْتَ نَفْسَكَ مَا هُوَ القِيَاسُ هَذَا؟ كَيْفَ يَعْمَلُ؟
مَا هُوَ القِيَاسُ، هَلْ تَظُنُّ المُخَدِّرَاتِ وَالخَمْرَ كَمَا كَذَبُوا عَلَيْكَ؟
دَعْنِي أَشْرَحُ لَكَ مُبَاشَرَةً وَبِمِثَالٍ عَمَلِيٍّ مَا هُوَ القِيَاسُ، لِأَنَّ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ مَعَكَ فِي القِيَاسِ يَخْدَعُونَكَ، وَسَأَكْتَفِي بِمِثَالَيْنِ لِتَفْهَمَ جَرِيمَةَ القِيَاسِ عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالمِلْحُ بِالمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الآخِذُ وَالمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ).
الآنَ عِنْدَنَا سِتَّةُ أَصْنَافٍ جَاءَتْ فِي الرِّوَايَةِ، هَذِهِ الأَصْنَافُ السِّتَّةُ نَصٌّ مِنَ الوَحْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَلَّغَهُ لِنَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَلَّغَنَا إِيَّاهُ.
الآنَ سَيَتَدَخَّلُ القِيَاسُ وَأَهْلُهُ فِي (فَهْمِ) النَّصِّ، وَسَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: عِلَّةُ هَذَا النَّهْيِ هُوَ كَوْنُ هَذِهِ الأَصْنَافِ تُوزَنُ!! (هَذَا طَبْعًا لَمْ يَأْتِ فِي نَصٍّ لَكِنَّهُ رَأْيٌ بَشَرِيٌّ مُجَرَّدٌ)، إِذَنْ مَا هِيَ النَّتِيجَةُ المُتَرَتِّبَةُ عَلَى تَعْلِيلِ النَّهْيِ بِهَذِهِ العِلَّةِ؟ النَّتِيجَةُ هِيَ أَنَّ كُلَّ مَا يُوزَنُ سَيَدْخُلُ فِي هَذَا النَّهْيِ عِنْدَ القَائِلِ بِهَذَا القَوْلِ، يَعْنِي كُلُّ شَيْءٍ بِمَعْنَى الكَلِمَةِ حَدِيدٌ إِسْمَنْتٌ عِنَبٌ لَحْمٌ أَيُّ شَيْءٍ يُوزَنُ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ نَفْسُ الكَلَامِ.
سَيَعْتَرِضُ فَرِيقٌ آخَرُ (يَرَى) أَنَّ العِلَّةَ هِيَ (النَّمَاءُ) أَيْ كَوْنُ هَذِهِ الأَصْنَافِ قَابِلَةً لِلإِنْمَاءِ وَالزِّيَادَةِ، وَهَذَا كَمَا تَرَى لَمْ يَأْتِ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، لَكِنَّهُ مُجَرَّدُ (رَأْيٍ) أَوْ (فَهْمٍ) مِنْ قَائِلِ هَذَا القَوْلِ، سَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا (الرَّأْيِ) أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ قَابِلٌ لِلنَّمَاءِ سَيَدْخُلُ فِي هَذَا الحُكْمِ مَاشِيَةٌ دَوَاجِنُ زُرُوعٌ كُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا.
دَعْنِي لَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَزِيدَ عِلَلٍ مِنَ القِيَاسِيِّينَ، لَكِنْ هَلْ فَهِمْتَ أَنَّ تَحْدِيدَ هَذِهِ العِلَّةِ المَزْعُومَةِ هِيَ رَأْيٌ بَشَرِيٌّ بِلَا خِلَافٍ؟ وَأَنَّ الأَحْكَامَ المَبْنِيَّةَ عَلَى هَذَا التَّحْدِيدِ البَشَرِيِّ هِيَ أَحْكَامٌ بَشَرِيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ؟
لَمْ تَسْتَوْعِبْ بَعْدُ؟
خُذْ هَذَا المِثَالَ الثَّانِيَ وَالأَخِيرَ، مَا هُوَ أَقَلُّ شَيْءٍ يَصْلُحُ مَهْرًا لِلْمَرْأَةِ؟
قَالَ أَصْحَابُ القِيَاسِ، الفَرْجُ عُضْوٌ يُسْتَبَاحُ بِالمَهْرِ، فَلَا يُسْتَبَاحُ بِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ عُضْوٍ يُسْتَبَاحُ مِنَ الجِسْمِ، وَأَقَلُّ عُضْوٍ يُسْتَبَاحُ هُوَ اليَدُ، تُسْتَبَاحُ بِسَرِقَةِ رُبْعِ دِينَارٍ، فَالْفَرْجُ لَا يُسْتَبَاحُ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ قِيَاسًا عَلَى اليَدِ!
هَذَا هُوَ القِيَاسُ، أَنَا مُتَأَكِّدٌ أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ تَفْهَمُهُ كَمَا فَهِمْتَهُ الآنَ، كُنْتَ تَفْهَمُهُ عَلَى أَنَّهُ تَحْرِيمُ المُخَدِّرَاتِ قِيَاسًا عَلَى الخَمْرِ صَحِيحٌ؟ هَذَا لَيْسَ قِيَاسًا أَصْلًا فَالمُخَدِّرَاتُ خَمْرٌ وَلَيْسَتْ شَيْئًا غَيْرَهُ لِتُقَاسَ عَلَيْهِ.
فَالقِيَاسُ دِينٌ بَشَرِيٌّ مُخْتَرَعٌ أَنْتَ مَنْ تُحَدِّدُ عِلَّةَ الحُكْمِ وَأَنْتَ مَنْ تُفَرِّعُ عَلَى هَذِهِ العِلَّةِ، فِي القِيَاسِ أَنْتَ الإِلَهُ.
{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } [آل عمران:8]
شاهد المقطع المرئي