الحمد لله رب العالمين
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
كما سبق بيانه فإن معتنقي الملة النكرانية تجمعهم صفة مشتركة جميعهم ، ألا وهي الجهل بكل علوم الإسلام ، وللخروج من عباءة هذا الجهل يحاولون دائماً إظهار أنهم قومٌ لا يتكلمون إلا بالدليل والبرهان ، والحقيقة عكس هذا تماماً ، وستعرف مع القراءة أنهم لا يعرفون دليلاً من غيره .
الدليل :
رجل متهم بالقتل ، والقتيل مقتول بسكين طول نصله ١٧ سم ، وأثناء التحقيق اعترف مشتبه به بأنه القاتل ، هذا دليل .
وارشدهم إلى مكان السكين حيث تطابق تماماً مع السكين المستخدم في القتل ، هذا دليل .
وتم مراجعة كاميرات المراقبة فرأيناه يخرج من باب شقة القتيل في وقت الجريمة وبيده سكين مطابق لمواصفات سكين القتل ، هذا دليل .
فكل ما فات يدخل في فئة ( الدليل ) ، وهو كافٍ في نفسه لمحاكمة المتهم بجناية القتل العمد ، بل كل فقرة منهم هي دليل في ذاتها .
القرينة :
رجل متهم بالقتل ، والقتيل مقتول بسكين طول نصله ١٧ سم ، ووجدنا شعرات من المتهم في منزل القتيل ، هذه قرينة .
وبرفع البصمات عن المكان وجدنا بصمات المتهم على كوبٍ من الأكواب ، هذه قرينة .
وبرفع محتويات مسرح الجريمة وجدنا نوع سيجارة يدخنه المتهم ، هذه قرينة .
فكل ما فات لا يكفي مجتمعاً أو مفرقاً لتوجيه تهمة القتل لهذا المتهم لكنه يدل على وجوده في وقت ما قريب في مكان الجريمة ، وهذا وحده لا يكفى لمحاكمة المتهم على جناية القتل العمد ، لكن وجود المتهم هناك وتركه آثاراً شئ يحتاج إلى توضيح ، لكن لا يمكن التعويل عليه لاتهامه ومحاكمته ، لعلك الآن ميزت بين الدليل والقرينة !
الإشارة :
رجل متهم بالقتل ، والقتيل مقتول بسكين طول نصله ١٧ سم ، ووجدنا آثار تربة في منزل القتيل تشبه أخرى موجودة في منزل المتهم بالقتل وأيضاً في حذائه ، هذه إشارة .
وهذه لا يمكن الاعتداد بها أصلاً في موضوع القضية إلا إن دعمها شئ مما سبق سواء دليل أو قرينة ، وقوة اثباتها في نفسها لا شئ تقريباً ، ومع القرينة أقوى قليلاً ومع الدليل أقوى جداً ، يعني تستمد قوتها من الأصل في الإثبات وليس من ذاتها .
الآن ما علاقة هذه الأمور بالملة النكرانية وتفسيرها للدين ؟
معتنقو الملة النكرانية يخلطون بين هذه الأمور وبين أفهامهم ، فإذا سألتَ واحداً منهم عن الدليل في مسألة ما ، شرع يعرض لك إشارات وفي أحسن الأحوال قرائن ثم يدعمها بفهمه ويصورها على أنها حقيقة مسلم بها !
خذ المثال التالي كأشهر مثال يستخدمه النكراني :
يزعم النكراني أن النبي غير الرسول ، وأنه يجب قبول الرسالة فقط من الرسول ، لكن هو كنبي تصرفاته غير ملزمة لأتباعه ، فقط يوصل إليهم الرسالة ، وإذا استغلق شئ من الرسالة على أتباعه فهم يسألونه ، فيجيب عليهم بإعادة تلاوة نص الرسالة حصراً ولا يقول شيئاً غيرها .
فإذا سألت النكراني عن ( الدليل ) فمن المفترض أن يرد عليك بدليل ، الذي هو نص واضح يقول الأنبياء غير الرسل واتباع الرسل في الرسالة حصراً أما في أفعالهم كأنبياء فلا يجب اتباعهم ، وهذا الدليل غير موجود .
فيقول لك وهل تريد آية تقول هذا صراحة ؟
لم لا ؟
وقد قيل في التفسح في المجلس آية صريحة !
وفي الغيبة آية صريحة !
وفي السخرية من الآخرين آية صريحة !
والخلط بين النبي والرسول وبيان من يجب اتباعه منهما أعظم خطراً من هذا كله ، فكيف ينص الوحي على أولئك ولا ينص على تلك ؟
حينها لا يعترف النكراني أن الدليل غير موجود وأن هذا هو الفهم الذي تلقاه فقط ، بل يبدأ في تمرير الإشارات على أنها دليل ، فيقول : النبي يخطئ والرسول لا يخطئ ، والقرآن عاتب النبي صلى الله عليه وسلم ( هو لا يقول صلى الله عليه وسلم ) على أخطاء في مواضع !
فتطلب منه عرض الدليل هذه الأخطاء عليك !
فيبدأ في السرد قائلاً :
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التحريم:1]
فإذا سألته عن موضع الدلالة أن النبي أخطأ وأن كونه أخطأ ليس مذكوراً في الآية ، فيرد قائلاً : حرم بغير إذن من الله !!
فإذا سألته عن الذي يحرم بغير إذن من الله ما حكمه أصابه الخرس المفاجئ ولم يرد !
طيب أين النص أنه أخطأ؟
كونه أخطأ هذا هو النص أم فهمك للنص ؟
لا تجد إجابات ، فقط يجب عليك قبول الإشارات كأدلة بدون مناقشة وإلا فأنت تعبد النبي صلى الله عليه وسلم والبخاري ومسلماً !
فكما ترى يعمد النكراني إلى الإشارة : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التحريم:1]
ويجعلها دليلاً أن النبي يخطئ في الدين ، ويستنتج منها أننا لا يجب علينا اتباع الأنبياء !!
فالنكراني يعرض فهمه ورؤيته للإشارات وبحد أقصى القرائن على أنها أدلة قاطعة دامغة لا شك فيها !
الهدف من المقال :
ألا تقع ضحية الخلط بين الدليل والقرينة والإشارة عند مناظرة النكراني أو غيره ، فكم من مستقيم قد انحرف بسبب عدم التمييز بين هذه المفردات وقوتها وحجيتها .
{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } [آل عمران:8]