البحث عن أصل : إني رأيت البارحة عجباً

 انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي هذا المنشور وهو عبارة عن فيديو لأحد الدعاة يروي فيه على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه رآى في منامه رؤيا ، ثم شرع صلى الله عليه وسلم يقص هذه الرؤيا على أصحابه ، وفيها الفضل الكبير لبعض الأعمال .


قام فريق المعرفة بالبحث عن هذا الحديث في كتب الإسلام المسندة ، فلم نجد له اسناداً يعتد به ، بل أسانيد في غاية الضعف لا تخلو من الكذابين والوضاعين .


بل وجدنا أحكام بعض علماء الحديث الشريف عليه بالوضع :


رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/697) فقال : 


ذكر منامات روي عن رسول الله أنه رآها : 

أحدها حدثنا أبو زيد جعفر بن زيد الشامي لفظا ، قال : اخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، قال : أنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ، قال : أنا أبو الحسن علي بن لؤلؤ الوراق ، قال : أنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي ، قال : أنا أبو الوليد بشر بن الوليد القاضب ، قال : نا الفرج بن فضالة ، قال : حدثنا هلال ابو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال : 
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة فقال : إني رأيت الليلة عجبا ، قالوا : وما هو يا رسول الله ؟ قال : رأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالده فرده عنه ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله عز وجل فخلصه من بينهم ورأيت رجلا من أمتي يسلط عليه عذاب القبر فجاءه وضوءه فاستنقذه منه ورأيت رجلا من أمتي احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا كلما ورد حوضا منع منه فجاءه صومه رمضان فسقاه وارواه ورأيت رجلا من أمتي والنبيون حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقه ظن انه منها رد فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذه بيده فأجلسه إلى جنبي ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة وعن شماله ظلمة من فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءه حجه وعمرته واستنقذاه من الظلمة وادخلاه النور ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءته صلة الرحم فقالت يا معشر المؤمنين كلموه فإنه كان واصلا للرحم فكلموه وصافحوه ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار وشررها بيده عن وجهه فجاءته صدقته فصارت سترا على رأسه وظلا على وجهه ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم وادخلاه في ملائكة الرحمة وصار معهم ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذه بيده فأدخله على الله عز وجل ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته قبل شماله فجاءه خوفه من الله تعالى فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاءته إفراطه يعني أولاده الصغار فثقلت ميزانه ورأيت رجلا من أمتي على شفير جهنم فجاءه وجله من الله تعالى فاستنفذه من ذلك ورأيت رجلا من أمتي من انتهى تهوي في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله عز وجل فاستخرجته من النار ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكنت رعدته ومضى على الصراط ورأيت رجلا من أمتي يحبو حبوا أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته علي فأخذته بيده وأقامته على الصراط ومضى ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إلا إلا الله وفتحت الأبواب وأدخلته الجنة . 
طريق آخر أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن ابي حاتم بن حبان قال نا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال حدثنا عامر بن سيار قال نا مخلد بن عبد الواحد الهذيل البصري عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال : خرج علينا رسول الله ص فقال لقد رأيت البارحة عجبا رجلا من امتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرده عنه . 

قال المؤلف وذكر نحو الحديث المتقدم ، وهذا حديث لا يصح . 

أما الطريق الأول ففيه هلال أبو جبلة ، وهو مجهول . 
وفيه الفرج بن فضالة قال ابن حبان : يقلب الأسانيد ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة ، لا يحل الاحتجاج به . 
فأما الطريق الثاني ففيه علي بن زيد ، قال : احمد ويحيى ليس بشيء ، وقال أبو زرعة : يهم ويخطئ فاستحق الترك ، وفيه مخلد بن عبد الواحد قال ابن حبان : منكر الحديث جدا ينفرد بمناكير لا تشبه أحاديث الثقات . 

وقال الإمام الذهبي في تلخيصه للعلل المتناهية (ص243) : 

رواه فرج بن فضالة – ضعيف – هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبدالرحمن بن سمرة . 
هلال هذا شيخ يكتب حديثه . 
ورواه مخلد بن عبدالواحد أبو الهذيل – منكر الحديث – عن علي بن زيد – ضعيف – عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن . 
وقد رواه سليمان بن عبد الرحمن ، عن مروان بن معاوية ، عن كتاب أبي عبدالر حمن ، عن ابن جدعان . 

وذكره الهيثمي في المجمع (7/179) وقال : 

رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما سليمان بن أحمد الواسطي ، وفي الآخر خالد بن عبد الرحمن المخزومي وكلاهما ضعيف .ا.هـ. 
أما سليمان بن أحمد الواسطي ففيه كلام أشد مما ذكر الهيثمي . 

قال عنه الذهبي في الميزان (3/277) : 

صاحب الوليد بن مسلم كذبه يحيى وضعفه النسائي ، وقال ابن أبي حاتم : كتب عنه أبي وأحمد ويحيى ثم تغير وأخذ في الشرب والمعازف فترك 
قلت (الذهبي) : يكنى أبا محمد وأصله دمشقي . 


قال البخاري : فيه نظر ، وقال ابن عدي : أنبأنا عنه عبدان بعجائب ، ووثقه عبدان ، ثم قال ابن عدي : هو عندي ممن يسرق الحديث وله أفراد .ا.هـ. 

وخالد بن عبد الرحمن المخزومي قال عنه المزي في تهذيب الكمال (8/124) : 

قال البخاري وأبو حاتم : ذاهب الحديث . زاد أبو حاتم : تركوا حديثه . ا.هـ. 

وزاد ابن حجر في التهذيب (3/89) : 

وقال البخاري في الأوسط : رماه عمرو بن علي بالوضع ، وقال صالح بن محمد : منكر الحديث ، وقال الحاكم أبو أحمد : خالد بن عبد الرحمن المخزومي الخراساني سكن مكة حديثه ليس بالقائم . 

وقد علق المناوي على الحديث في فيض القدير (3/26) فقال : 

وعزاه الحافظ العراقي إلى الخرائطي في الأخلاق ، وقال : وسنده ضعيف .ا.هـ. 
ونقل المناوي كلام ابن الجوزي على الحديث الذي ذكرناه ، ونقل أيضا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث . 


وقد حكم عليه العلامة الألباني – رحمه الله – بالضعف في ضعيف الجامع (2086) فقال : ضعيف . 

وقد أورد الحديث الإمام ابن كثير في تفسيره (4/421) فقال : 

وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في كتابه “نوادر الأصول” حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن نافع ، عن ابن أبي فديك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال : فذكره . 
وذكره الزبيدي في الإتحاف وعزاه للحكيم في النوادر وضعفه . 
وكتاب “نوادر الأصول ” من مظان الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، وخاصة بعد نقل كلام العلماء السابقين على الحديث . 

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *